218

Sharḥ al-ʿAqīda al-Safārīniyya

شرح العقيدة السفارينية

Publisher

دار الوطن للنشر

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٦ هـ

Publisher Location

الرياض

Genres

السماء الدنيا، كذلك الاستواء على العرش حقيقة يستلزم أن يكون الله جسمًا، والله تعالى ليس بجسم، إذًا فنفي استواء الله على العرش، وهكذا أتى المتكلمون بمثل هذه العبارات ليتوصلوا بها إلى نفي صفات الله ﷿، وإلا فليس لهم غرض في نفي هذا أو إثباته إلا هذه المسالة.
ولما كانت هذه الكلمات غير موجودة لا في القرآن ولا في السنة ولا في كلام الصحابة لا نفيا ولا إثباتا، فالواجب علينا أن نتوقف فلا ننفي أن الله جسم ولا نثبته، ولا أن الله عرض ولا نثبته، ولا أن الله جوهر ولا نثبته، بل نسكت ونستفصل في المعنى، فنقول لمن نفى أن يكون الله جسما: إن أردت بالجسم ما كان حادثا مركبا من أجزاء وأعضاء فنحن معك في نفيك، فالله ليس بحادث، ولا مركب من أعضاء وأجزاء بحيث يجوز أن يفقد شيء منها، لكن لا ننفي الجسم، بل نقول إن الله منزه ﷿ عن أن يكون له أبعاض كأبعاض المخلوقين، بحيث يكون جسما مركبا منها، ويفقد بعضها مع بقاء الأصل وما أشبه ذلك.
وإن أردت بالجسم الذات الموصوفة بالصفات اللائقة بها، فهذا حق نثبته، ولا يجوز لنا أن ننفيه، لكن مع ذلك لا نقول: إن الله جسم حتى إن أردنا هذا المعنى؛ لأن لفظ الجسم لم يرد في القرآن ولا في السنة، لا إثباتا ولا نفيا؛ ولأن إثبات الجسم إن أثبتناه مستلزم للتشبيه على رأي بعض الناس، وإن نفيناه فهو مستلزم للتعطيل على رأي آخرين، إذًا فلا نثبته ولا ننفيه.
وهذه هي العقيدة السليمة: أن لا نثبت باللفظ أن الله جسم أو ليس بجسم، بل نسكت، فما دام الله قد سكت عنه، ورسوله سكت عنه، والصحابة سكتوا عنه، فنسكت فلا نثبت ولا ننفي، لكن نؤمن بأن لله ذاتًا

1 / 225