تعرف حقيقتها وكنهها التي هي عليه، فتعرف وجه الإنسان؛ وتعرف العين؛ وتعرف القدم؛ وتعرف اليد؛ وتعرف الأصابع لكن صفات الله ﷿ لا تصل إلى حقيقتها وكنهها والمطلوب إذا معرفة الذات بالوجود ومعرفة الصفات بالمعاني، أما معرفة الكنه والحقيقة فهذا مما لا يعلمه إلا الله ﷿
فصار قول المؤلف ﵀ في معرفة الله لا بد فيه من هذا التسديد.
أول واجب على العبيد ... معرفة الإله بالتسديد
فأول واجب على الإنسان أن يعرف الله، والمراد أول واجب لذاته، وأما أول واجب لغيره فهو النظر والتدبر الموصل إلى معرفة الله. فالعلماء ﵏ قالوا: أول ما يجب على الإنسان أن ينظر، فإذا نظر وصل إلى غاية وهي المعرفة، فيكون النظر أول واجب لغيره، والمعرفة أول واجب لذاته.
وقال بعض أهل العلم: إن النظر لا يجب لا لغيره ولا لذاته؛ لان معرفة الله ﷿ معلومة بالفطرة والإنسان مجبول عليها، ولا يجهل الله ﷿ إلا من اجتالته الشياطين، ولو رجع الإنسان إلى فطرته لعرف الله دون أن ينظر ويفكر. قالوا ودليل ذلك قول النبي ﷺ: «كل مولود يولد على الفطرة) (١)، ولقول الله تعالى في الحديث القدسي: «إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين) (٢)، فصار الصارف عن مقتضى الفطرة حادث وارد على
(١) تقدم تخريجه ص ٢٢
(٢) رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها ...، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا ...، رقم (٢٨٦٥) .