Page 0
(تعريف بالإمام المناوي
«952 - 1031 ه = 1545 - 1622 م» )
محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين ابن علي بن زيد العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري، زين الدين: من كبار العلماء بالدين والفنون. انزوى للبحث والتصنيف، وكان قليل الطعام كثير السهر، فمرض وضعفت أطرافه، فجعل ولده تاج الدين محمد يستملي منه تآليفه. له نحو ثمانين مصنفا، منها الكبير والصغير والتام والناقص، عاش في القاهرة، وتوفي بها، من كتبه «كنوز الحقائق - ط» في الحديث، و «التيسير - ط» في شرح الجامع الصغير مجلدان، اختصره من شرحه الكبير «فيض - القدير - ط» وشرح «الشمائل للترمذي - ط» و «الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية - ط» في جزءين و «شرح قصيدة النفس، العينية لابن سينا - ط» و «الجواهر المضيئة في الآداب السلطانية - خ» و «سيرة عمر بن عبد العزيز - خ» و «تيسير الوقوف على غوامض أحكام الوقوف - خ» و «غاية الإرشاد إلى معرفة أحكام الحيوان والنبات والجماد - خ» و «اليواقيت والدرر - خ» في الحديث، و «الفتوحات السبحانية - خ» في شرح ألفية العراقي، في السيرة النبوية، و «الصفوة - خ» في مناقب آل البيت، و «الطبقات الصغرى - خ» ويسمى إرغام أولياء الشيطان، و «شرح القاموس المحيط - خ» الأول منه، و «آداب الأكل والشرب - خ» و «الدر المنضود في ذم البخل ومدح الجود - خ» و «التوقيف على مهمات التعاريف - خ» ذيل لتعريفات الجرجاني، و «بغية المحتاج في معرفة أصول الطب والعلاج» و «تاريخ الخلفاء» و «عماد البلاغة» في الأمثال، وكتاب في «التشريح والروح وما به صلاح الإنسان وفساده» و «إحكام الأساس» اختصر به أساس البلاغة ورتبه كالقاموس.
Page 15
(مقدمة المصنف)
الحمد لله الذي بعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها وأقام في كل عصر من يحوط هذه الملة بتشييد أركانها وتأييد سننها وتبيينها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له: شهادة يزيح ظلام الشكوك صبح يقينها، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله: المبعوث لرفع كلمة الإسلام وتشييدها، وخفض كلمة الكفر وتوهينها صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ليوث الغابة وأسد عرينها.
(هذا كتاب) أودعت فيه من الكلم النبوية الوفاء، ومن الحكم المصطفوية صنوفا، اقتصرت فيه على الأحاديث الوجيزة، ولخصت فيه من معادن الأثر إبريزة، وبالغت في تحرير التخريج: فتركت القشر، وأخذت اللباب، وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب، ففاق بذلك الكتب المؤلفة في هذا النوع، كالفائق والشهاب، وحوى من نفائس الصناعة الحديثية ما لم يودع قبله في كتاب.
(ورتبته) على حروف المعجم، مراعيا أول الحديث فما بعده، تسهيلا على الطلاب.
(وسميته) الجامع الصغير، من حديث البشير النذير، لأنه مقتضب من الكتاب الكبير الذي سميته " جمع الجوامع "، وقصدت فيه جمع الأحاديث النبوية بأسرها.
وهذه رموزه - (خ) للبخاري، (م) لمسلم، (ق) لهما، (د) لأبي داود، (ت) للترمذي، (ن) للنسائي (ه) لابن ماجة، (4) لهؤلاء الأربعة، (3) لهم إلا ابن ماجة، (حم) لأحمد في مسنده، (عم) لابنه عبد الله في زوائده، (ك) للحاكم: فإن كان في مستدركه أطلقت، وإلا بينته، (خد) للبخاري في الأدب (تخ) له في التاريخ، (حب) لابن حبان في صحيحه (طب) للطبراني في الكبير (طس) له في الأوسط (طص) له في الصغير، (ص) لسعيد بن منصور في سننه، (ش) لابن أبي شيبة، (عب) لعبد الرزاق في الجامع، (ع) لأبي يعلى في مسنده، (قط) للدارقطني: فإن كان في السنن أطلقت، وإلا بينته (فر) للديلمي
Page 16
في مسند الفردوس، (حل) لأبي نعيم في الحلية، (هب) للبيهقي في شعب الإيمان، (هق) له في السنن، (عد) لابن عدي في الكامل، (عق) للعقيلي في الضعفاء (خط) للخطيب، فإن كان في التاريخ أطلقت، وإلا بينته، والله أسأل أن يمن بقبوله، وأن يجعلنا عنده من حزبه المفلحين، وحزب رسوله آمين.
Page 17
(مقدمة الشارح)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الإنسان هو الجامع الصغير، فطوى فيه ما تضمنه العالم الأكبر الذي هو الجامع الكبير وشريف من شاء من نوعه في القديم والحديث. بالهداية إلى خدمة علم الحديث، وأوقد له من مشكاة السنة لاقتباس أنوارها مصباحا وضاحا، ومنحه من مقاليد الأثر مفتاحا فتاحا، والصلاة والسلام على أعلى العالمين منصبا، وأنفسهم نفسا وحسبنا المبعوث بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، حتى أشرق الوجود برسالته ضياء وابتهاجا، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، ثم على من التزم العمل بقضية هديه العظيم المقدار، من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم إلى يوم القرار، الذين تناقلوا الخبر والأخبار ونوروا مناهج الأقطار بأنوار المآثر والآثار، صلاة وسلاما دائمين ما ظهرت بوازغ شموس الأخبار، ساطعة من آفاق عبارات من أوتي جوامع الكلم والاختصار.
(وبعد) فهذا ما اشتدت إليه حاجة المتفهم، بل وكل مدرس ومعلم، من شرح على الجامع الصغير للحافظ الكبير الإمام الجلال الشهير، ينشر جواهره، ويبرز ضمائره. ويفصح عن لغاته، ويكشف القناع عن إشاراته، ويميط عن وجوه خرائد اللثام، ويسفر عن جمال حور مقصوراته الخيام، ويبين بدائع ما فيه من سحر الكلام، ويدل على ما حواه من درر مجمعة على أحسن نظام ويخدمه بفوائد تقربها العين، وفرائد يقول البحر الزاخر من أين أخذها من أين؟ وتحقيقات تنزاح بها شبه الضالين وتدقيقات ترتاح لها نفوس المنصفين، وتحرق نيرانها أفئدة الحاسدين، لا يعقلها إلا العالمون، ولا يجحدها إلا الظالمون، ولا يغص منها إلا كل مريض الفؤاد، من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فما له من هاد، ومع ذلك فلم آل جهدا في الاختصار والتجافي عن منهج الإكثار فالمؤلفات تتفاضل بالزهر والثمر، لا بالهذر، وبالملح، لا بالكبر، وبجموم اللطائف، لا بتكثير الصحائف وبفخامة الأسرار، لا بضخامة الأسفار، وبرقة الحواشي، لا بكثرة الغواشي، ومؤلف الإنسان على فضله أو نقصه عنوان، وهو بأصغريه اللفظ اللطيف والمعنى الشريف لا بأكبريه اللفظ الكثير والمعنى الكثيف، وهنالك يعرف الفرض من النافلة، وتعرض الإبل فرب مائة لا تجد فيها راحلة، ثم إني بعون أرحم الراحمين لم أدخل بتآليفه في زمرة الناسخين، ولم أسكن بتصنيفه في سوق الغث والسمين، بل أتيت بحمد الله، بشوارد فرائد باشرت
Page 18