Shama'il al-Rasul
شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
Publisher
دار القمة
Edition Number
-
Publisher Location
الإسكندرية
Genres
فيقول: هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا، وعزّتك. فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النّار فإذا أقبل به على الجنّة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثمّ قال: يا ربّ قدّمني عند باب الجنّة، فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق ألاتسأل غير الّذي كنت سألت؟ فيقول: يا ربّ لا أكون أشقى خلقك.
فيقول: فما عسيت إن أعطيت ذلك ألاتسأل غيره؟ فيقول: لا وعزّتك لا أسأل غير ذلك، فيعطي ربّه ما شاء من عهد وميثاق فيقدّمه إلى باب الجنّة فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النّضرة والسّرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت، فيقول: يا ربّ أدخلني الجنّة فيقول الله ويحك يا ابن آدم ما أغدرك أليس قد أعطيت العهود والميثاق ألاتسأل غير الّذي أعطيت فيقول: يا ربّ لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله- ﷿ منه ثمّ يأذن له في دخول الجنّة، فيقول: تمنّ. فيتمنّى حتّى إذا انقطع أمنيّته قال الله- ﷿ من كذا وكذا، «١» أقبل يذكّره ربّه حتّى إذا انتهت به الأمانيّ، قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه» . قال أبو سعيد الخدريّ لأبي هريرة ﵄: أما إنّ رسول الله ﷺ قال: «قال الله: لك ذلك وعشرة أمثاله» . قال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله ﷺ إلّا قوله: «لك ذلك ومثله معه» . قال أبو سعيد: إنّي سمعته يقول: «ذلك لك وعشرة أمثاله» . رواه البخاري «٢» .
الشاهد في الحديث:
قوله ﷺ: «فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته» . هذا فضل عظيم للرسول ﷺ، يشهده يوم القيامة الداني والقاصي، فيعرف له فضله، ويشهد له بقدره ويسلم له بعلو مكانته وتميزه على الخلق أجمعين، والعجيب في الأمر أنه ﷺ لن يمر وحده على الصراط لجلال قدره، بل سيأخذ أمته معه، فتكون بذلك أول من يمر من الأمم، بل تمر قبل الأنبياء، مع أن الأنبياء أفضل من آحاد الأمة قطعا، ولكنها نالت ذلك ببركة إيمانها واتباعها للنبي ﷺ وكونها أمته ﷺ، ولا أستبعد أن يتمنى كل أحد في ذلك الوقت أن يكون من أمته ﷺ ليعبر الصراط أولا، ولكني لا أجزم به لعدم وجود نص- حسب علمي- يدل عليه. فيا أمة النبي محمد ﷺ افرحوا بهذا الحديث واقدروا لنبيكم ﷺ قدره واتبعوا دينه ولا تبتدعوا في سنته حتى تفوزوا بالمرور معه على الصراط وتهون عليكم أهوال يوم القيامة.
(١) أي يخاطبه الله تعالى فيقول له: «تمنّ كذا وكذا..»، لأمور لم يذكرها العبد في أمانيه. (٢) البخاري، كتاب: الأذان، باب: فضل السجود، برقم (٨٠٦) .
1 / 224