Shama'il al-Rasul
شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
Publisher
دار القمة
Edition Number
-
Publisher Location
الإسكندرية
Genres
رائحة زكية عطرة تعجب الناس فلا يتقززون منهم، وكم تمكث هذه الرائحة الزكية، ثم ما تلبث أن تذهب وتخرج الرائحة الكريهة إذا لم يتدارك الإنسان نفسه، فضلا عن اضطراره إلى الاغتسال صباحا ومساء ليحافظ على رائحته الجميلة، ولكن الله، ﷾، قد كفى نبيه ﷺ مؤونة ذلك، فما كان يزيده العرق إلا جمالا في الوجه وطيبا في الرائحة، إذن ما احتاج النبي ﷺ أبدا أن يغتسل ليذهب أثر العرق، كما يفعل بقية الخلق، ولا نعلم أحدا يشابهه في ذلك إلا أهل الجنة الذين سلموا من كل سوء ومكروه، حيث ورد عند البخاري من حديث أبي هريرة عن بعض صفات أهل الجنة: «ورشحهم المسك» «١» . فسبحان الله العظيم، الذي جمع لنبيه ﷺ، حسن الخلق والخلقة، وجمال الباطن والظاهر.
٣- لين كفه ﷺ، لقول أنس: ولا مسست ديباجة ولا حريرة ألين من كف رسول الله ﷺ: (والديباج نوع من أنواع الحرير)، قال ابن حجر في الفتح: لا تعارض بين هذا الحديث وما رواه أنس أنه كان ضخم اليدين والقدمين وأنه كان شئن الكفين والقدمين أي غليظهما في خشونة، والجمع بينهما، أن المراد اللين في الجلد والغلظ في العظام فيجتمع له نعومة البدن وقوته أو حيث وصف باللين واللطافة حيث لا يعمل بهما شيئا كان بالنسبة إلى أصل الخلقة وحيث وصف بالغلظ والخشونة فهو بالنسبة إلى امتهانها بالعمل. انتهى كلامه ﵀.
وأعتقد أن من ضمن ما حبا الله كف نبيه ﷺ بما يلائم ليونته، ويزيد الكف جمالا على جماله، أن جعل الله ﷾ هذا الكف أبرد من الثلج، فقد روى البخاري: «عن أنس ﵁ قال: ولا مسست خزة ولا حريرة ألين من كف رسول الله ﷺ ولا شممت مسكة ولا عنبرة أطيب رائحة من رائحة رسول الله ﷺ» فاليد أطيب من المسك والجلد ألين من الحرير والملمس أبرد من الثلج، فهل بقي بعد ذلك شيء.
وهذا أيضا من أنواع الكمال والجمال البشري الذي حبا الله به نبيه ﷺ، فلو اقتصر الأمر على ليونة ونعومة اليد لكان نقصا في الكمال، ولو اقتصر على الغلظ في العظام لكان نقصا في الجمال، وفيه أيضا إظهار لكمال قدرة الله في الخلق، إذ خلق الأشياء في أحسن صورة وأجملها مع مناسبتها تماما لما خلقت من أجله، وهذا يتحقق في خلقه الناس على تفاوت.
الفائدة الثانية:
كيف كان النبي ﷺ في عيون الصحابة ﵃: ما كانوا
(١) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة، برقم (٣٢٤٦) .
1 / 194