قالت الجارية : بل سبحان الذي خلق فسوى يا مولاتي! لقد آثر الله مولاي الأمير من هذا الجمال بنعمة لم يظفر بمثلها أحد من ملوك الأرض، وإنه لحقيق بما نال!
فانبسطت نفس الأميرة بما سمعت من ثناء الجارية، وأنست إليها، فأقبلت عليها تحدثها وتستمع إليها، كأنما تريد أن تزيدها حديثا عن جمالها، أو أن تبدأها حديثا آخر عن الأمير الذي تريد أن تستأثر بحبه فيكون قلبه خالصا لها من دون النساء.
قالت شجرة الدر: منذ كم تعيشين في قصر الأمير يا فتاة؟
قالت الفتاة: منذ نشأت يا سيدتي، وكانت أمي ماشطة السيدة «ورد المنى» والدة الأمير، فاختصصت بخدمة مولاي منذ كان نائبا عن أبيه الملك الكامل في القاهرة.
6
ثم أردفت الفتاة وفي عينيها حنين ولهفة: آه يا سيدتي لو رأيت القاهرة! إنها عروس المدائن! ولقد شهدت في رحلتي إلى هذا الحصن، دمشق وبغداد وكثيرا من بلاد المشرق، فوالله ما رأيت بلدا كمصر، ولا نهرا كالنيل!
فأسبلت شجرة الدر جفنها وقالت وعلى شفتيها ابتسامة: لعل لك هوى في القاهرة يا جهان!
فاحمر وجه الفتاة من حياء وأغضت ثم قالت: إن هواي يا مولاتي حيث يكون هوى الأمير!
قالت شجرة الدر في خبث: وأين هواه اليوم؟
قالت وفي عينيها إعجاب: إن هواه اليوم يا مولاتي حيث تعرفين، وإنه حديث كل من في الحصن!
Unknown page