Shajara Fi Brooklyn

Nawal Sacdawi d. 1442 AH
148

Shajara Fi Brooklyn

شجرة تنمو في بروكلين

Genres

وسألته إيفي، وقد خشيت أن يفقد زوجها عمله، عما إذا كانت تستطيع أن تتولى عمله أثناء وجوده بالمستشفى، وحاجت بأن اللبن يوزع في الظلام ، ولن يكتشف الأمر أحد أبدا، وضحك الرئيس منها، فأنبأته بمبلغ حاجتها إلى الاثنين والعشرين دولارا التي يتقاضونها في الأسبوع، وأخذت تستعطفه في حرارة، وكانت تبدو صغيرة جميلة نشطة رشيقة حتى سلم بالأمر أخيرا، وأعطاها قائمة بأسماء الزبائن وأخبرها بأن الصبية سوف يحملون العربة لها، وقال: إن الجواد يعرف الطريق، والعمل لن يكون صعبا، واقترح أحد السائقين أن تأخذ كلب الحظيرة معها ليصحبها ويحميها من لصوص اللبن، ووافق الرئيس على ذلك، وأخبرها بأن تعود إلى الحظيرة في الثانية صباحا، وكانت إيفي أول امرأة توزع اللبن في الطريق العام.

وقامت بعملها خير قيام، وأحبها زملاؤها في الحظيرة، وقالوا: إنها كانت في عملها أفضل من فليتمان، وبالرغم من واقعيتها في عملها كانت رقيقة تفيض أنوثة، وأحب الرجال صوتها الخفيض وأسلوبها الهامس في الحديث، وكان الجواد سعيدا كل السعادة، يتعاون معها ما وسعه ذلك، فيقف من تلقاء نفسه عند كل بيت يوزع عليه اللبن، ولا يستأنف المسير أبدا، حتى تجلس آمنة على المقعد.

واعتادت أن تأخذه إلى بيتها، وهي تتناول غداءها كما كان فليتمان يفعل، وكان الجو قارس البرد فتناولت دثارا قديما، وألقت به على الجواد حتى لا يصيبه البرد وهو ينتظرها، وكانت تحمل الشوفان الخاص بالجواد إلى الطابق الأعلى، وتسخنه بضع دقائق في الموقد قبل أن تطعمه، واعتقدت أن الشوفان البارد لا يثير «الشهية»، وكان الجواد يستطيب الشوفان الساخن، وبعد أن يلوكه بين أسنانه تناوله نصف تفاحة أو قطعة من السكر.

ورأت إيفي أن الجو من البرودة بحيث لا يطيق الجواد أن تغسله على قارعة الطريق، فكانت تأخذه إلى الحظيرة لتغسله هناك، ورأت أن الصابون الأصفر قاس عليه، فأحضرت له قطعة من الصابون الناعم ومنشفة كبيرة قديمة لتجففه بها، وعرض عليها رجال في الحظيرة أن يغسلوا الجواد والعربة من أجلها، ولكنها أصرت على غسل الجواد بنفسها، وتقاتل رجلان أيهما يغسل لها العربة، وحسمت إيفي الأمر بأن جعلت أحدهما يغسلها يوما والآخر يوما.

وكانت تسخن الماء الذي تغسل به درامر على موقد الغاز في مكتب الرئيس، ولم تفكر أبدا في أن تغسله بالماء البارد، وتعودت أن تغسله بالماء الدافئ والصابون المعطر، وتجففه في عناية بالمنشفة جزءا جزءا، ولم يرتكب الجواد قط فعلا نابيا معها وهي تغسله، بل كان ينخر ويصهل في سعادة أثناء غسله، وتترجرج بشرته من النشوة والسعادة حين تحك إيفي المنشفة بجسمه لتجففه، وكان يضع رأسه الكبير على كتفها الصغيرة حتى تجفف ما حول صدره، لم يكن هناك شك في الأمر، لقد كان الجواد مدلها بحب إيفي.

ورفض الجواد حين شفي فليتمان وعاد إلى عمله أن يترك الحظيرة وهو على مقعد العربة، واضطروا أن يعطوا فليتمان جوادا آخر ويعينوا له طريقا آخر، ولكن درامر رفض أن يخرج مع أي سائق آخر أيضا، وأوشك الرئيس أن يقرر بيعه حين لاحت له فكرة، وكان من بين السائقين شاب مخنث، في كلامه لثغة، فأقامه على عربة فليتمان، وبدا على درامر الرضا، وقبل أن يخرج مع السائق الذي يشبه النساء.

وهكذا قام درامر بواجباته المنتظمة مرة أخرى، ولكنه في ظهيرة كل يوم يستدير في الشارع الذي تسكن فيه إيفي ويقف أمام بيتها، ولا يعود إلى الحظيرة حتى تنزل إيفي وتعطيه قطعة من التفاح أو السكر وتربت أنفه وتودعه.

وقالت فرانسي بعد أن سمعت القصة: إنه لجواد مضحك.

وقالت الخالة إيفي: قد يكون جوادا مضحكا، ولكنه بلا شك يعرف ما يريد.

32

Unknown page