فأشارت إلى جثة الفتوة وقالت: جاء على رأس عصابة فهاجم الدرب بلا رحمة. - ماذا رأيت من المعركة؟ - إني امرأة ضعيفة، هربت فلم أر شيئا!
أومأ الضابط إلى جثة التابع وسألها: من هذا؟ - مدير المقهى، قتل ولا شك وهو يدافع عن نفسه. - وهذه الفتاة؟ - كانت ترقص في المقهى عندما نشبت المعركة! - لا يظهر بها أثر لاعتداء؟ - كانت مريضة بالقلب، فربما قتلها الخوف!
عند ذاك خاطب الضابط الجميع قائلا: لا يبرحن أحد مكانه حتى يدلي بأقواله.
وإذا بمخبر يتجه نحو الشاب فيقبض على ذراعه ويشده إلى موقف الضابط، ثم قال: إني أتذكر هذا الشاب يا حضرة الضابط.
فتساءل الضابط متهكما: أهو من رجال العصابة؟ - هو الذي اعتدى على حضرة المأمور في مظاهرات العنابر ثم نجح يومها في الهرب.
رماه الضابط بنظرة قاسية ثم قال: ما شاء الله! .. تشعلون الفتنة في البلد وتهرولون إلى المواخير!
فنجان شاي
دق جرس المنبه. تقلب الرجل في فراشه، تثاءب بصوت مرتفع كالتوجع، أزاح الغطاء وجلس، تزحزح إلى الوراء حتى استند إلى ظهر السرير، تثاءب مرة أخرى، مد يده إلى زر جرس معلق فوق الفراش فضغطه. جاءت امرأة حاملة صينية عليها إبريق شاي وجريدة الصباح، فوضعتها على ترابيزة لصق السرير. ملأ القدح بنفسه وتناول الجريدة. لاحظ أن المرأة لم تبرح مكانها، فحدجها بعين متسائلة، فقالت: الأولاد ...
ولكنه قاطعها بحدة: يا فتاح يا عليم، صبرك حتى أغادر الفراش.
وترددت المرأة فعاد يقول: هذا وقت الشاي والجريدة، فلا تفسدي علي أطيب أوقات اليوم.
Unknown page