وأمر بالويسكي، واستطرد مخاطبا عمر: لم أحلم بأن تشرفني أبدا، وإن يكن العاملون هم أجدر الناس بالمرح.
وقال مصطفى بلهجة حاسمة: دعنا من الرسميات يا مسيو يازبك.
نظر إليه بحذر، فقال مصطفى باسما: هو ما تظن، آن لك أن ترد الجميل لمحاميك. - عمر بك؟ - خطر لي أن أسألك عن المرأة التي تراها لائقة به.
ابتسم الرجل ابتسامة عريضة، وقال: تناسبه في ظني فتاة مثقفة، بنت ناس، جميلة ... - أقصد للحب لا للزواج. - هو حر يا سيدي. - وهل لديك شيء من المثقفات الفاتنات ...؟
فلوح بيد صغيرة ناعمة، وهو يقول بفخار: كابري ... كابري.
وأسهب، وهو يرمق عمر بنظرة لم يختف منها الشك نهائيا: كانت طالبة بمعهد التمثيل، لم توفق في السينما، ولكنها تعبد الرقص، تألقت في كابري. - وردة! - دون غيرها.
وقال مصطفى كالمعتذر: لم أرشحها بسبب طولها الذي يصدني عادة عن المرأة.
وأشار يازبك إلى المسرح بثقة، والموسيقى تعزف رقصة شرقية. وهدرت عاصفة من التصفيق تستقبل راقصة باهرة حقا، تأخذ البصر بقامة مديدة قدت على مثال راقص مثير، وعينين واسعتين جدا تسيلان جاذبية ناعسة، وقد أضفى جبينها العالي على وجهها جلالا رفعها إلى طبقة أخرى، وتمتم مصطفى: هائلة!
فقال يازبك ساخرا: أنت مطعم ضد الخطيئة الساحرة. - عندي اكتفاء ذاتي، وهو عبث شائع بين الأزواج الصالحين.
وابتسم عمر، وهو يتذكر قول مصطفى مرة: إنه لا يمكن أن يخون زوجته؛ لأنه لم يوفق في الحب إلا معها. ثم غاب عن أصوات المتحاورين وهو يتابع حركات الجسم الفارع، وخفته التي تتحدى طوله وجلاله، وسرعان ما عشق ابتسامتها كما عشق شجرة السرو. وانتبه على يد يازبك الممدودة ليصافحه مستأذنا في الانصراف. ولما ذهب تلقى من مصطفى نظرة جادة، وسمعه يقول محذرا: من النادر أن يظفر إنسان بنشوة الحب في هذه الملاهي.
Unknown page