بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى مرعي بن يُوسُف الْحَنْبَلِيّ الْمَقْدِسِي لطف الله تَعَالَى بِهِ آمين الْحَمد لله رَافع مقَام الْعلمَاء العاملين وقامع أهل الزيغ المائلين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على أفضل الْخلق أَجْمَعِينَ وعَلى آله وَأَصْحَابه الطيبين الطاهرين وعَلى التَّابِعين وتابع التَّابِعين لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين وَبعد فَهَذِهِ كَلِمَات منيرة وعبارات مستنيرة فِي ثَنَاء الْأَئِمَّة الْأَعْلَام على شيخ الْإِسْلَام بَحر الْعُلُوم ترجمان الْقُرْآن مفتي الْفرق أوحد الْمُجْتَهدين أبي الْعَبَّاس أَحْمد تَقِيّ الدّين ابْن الشَّيْخ الإِمَام شيخ الْإِسْلَام مجد الدّين عبد السَّلَام بن عبد الله بن الْخضر بن مُحَمَّد بن الْخضر بن عَليّ بن عبد الله بن تَيْمِية وَاخْتلف لم قيل ابْن تَيْمِية فَقيل إِن جده مُحَمَّد بن الْخضر حج على درب تيما فَرَأى

1 / 23

هُنَاكَ طفلة فَلَمَّا رَجَعَ وجد امْرَأَته قد ولدت بِنْتا فَقَالَ يَا تَيْمِية يَا تَيْمِية فلقب بذلك وَقيل إِن جده مُحَمَّدًا كَانَت أمه تسمى تَيْمِية وَكَانَت واعظة فنسب إِلَيْهَا وَعرف بهَا ولد ﵀ يَوْم الْإِثْنَيْنِ عَاشر أَو ثَانِي عشر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَتُوفِّي سحر لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ فِي الْعشْرين من ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة عَن سبع وَسِتِّينَ سنة وَقد أثنى الْأَئِمَّة الْأَعْلَام على هَذَا الإِمَام ولقبوه بشيخ الْإِسْلَام وأفردوا مناقبه بالتصانيف وتحلت بِذكرِهِ التواريخ والتآليف وَلم يتنقص إِلَّا من جهل مِقْدَاره وخطره وَمن جهل شَيْئا أنكرهُ وَلَقَد أنصف الْعَلامَة الإِمَام قَاضِي قُضَاة الْإِسْلَام بهاء الدّين بن السُّبْكِيّ حَيْثُ يَقُول لبَعض من ذكر لَهُ الْكَلَام فِي ابْن تَيْمِية فَقَالَ وَالله يَا فلَان مَا يبغض ابْن تَيْمِية إِلَّا جَاهِل أَو صَاحب هوى فالجاهل لَا يدْرِي مَا يَقُول وَصَاحب الْهوى يصده هَوَاهُ عَن الْحق بعد مَعْرفَته بِهِ وَلَقَد أنصف أَيْضا الشَّيْخ الإِمَام والحبر الْهمام مَحْمُود بن أَحْمد الْعَيْنِيّ إِمَام الْحَنَفِيَّة فِي زَمَنه حَيْثُ قَالَ فِي أثْنَاء كَلَام طَوِيل فِي مدحه ابْن تَيْمِية وذم من يعِيبهُ

1 / 24

وَلَيْسَ هُوَ إِلَّا كالجعل باشتمام الْورْد يَمُوت حتف أَنفه أَو كالخفاش يتَأَذَّى ببهور سنا الضَّوْء لسوء بَصَره وَضَعفه وَلَيْسَ لَهُم سجية نقادة وَلَا روية وقادة وَمَا هم إِلَّا صلقع بلقع سلقع صلمعه من قلمعه وهيان إِن بَيَان وَهِي بن بِي وصل بن ضل وضلال بن التلال وَمن الشَّائِع المستفيض أَن الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية من شم العرانين الأفاضل وَمن جم براهين الأماثل وَأطَال الْعَيْنِيّ الْكَلَام فِي مدحه كَمَا سَيَأْتِي وَاعْلَم أيدك الله أَن كثيرا من الْأَئِمَّة الأماثل وَالْعُلَمَاء الأفاضل قد أفردوا مَنَاقِب الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية فِي تصانيف مَشْهُورَة وتراجم فِي التواريخ مَذْكُورَة وَقد ذكر غَالب الْعلمَاء الَّذين أثنوا عَلَيْهِ صَاحب كتاب الرَّد الوافر تأليف الإِمَام الْعَالم الأوحد الْقدْوَة الْحَافِظ أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن نَاصِر الدّين الشَّافِعِي

1 / 25

وَقد أَحْبَبْت أَن أذكر هُنَا بعض ذَلِك على سَبِيل التَّلْخِيص مَعَ زَوَائِد لَطِيفَة رَجَاء أَن أَدخل فِي سلك أُولَئِكَ الْأَئِمَّة وَمن كَانُوا بَين أظهر النَّاس رَحْمَة ١ - فَمنهمْ ابْن سيد النَّاس وَهُوَ الإِمَام الْحَافِظ الْفَقِيه الْعَالم الأديب البارع فتح الدّين أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن الْحَافِظ أبي عَمْرو مُحَمَّد بن الْحَافِظ الْعَلامَة الْخَطِيب أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن يحيى بن أبي الْقَاسِم بن سيد النَّاس الْيَعْمرِي الأندلسي الإشبيلي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي ولد بِالْقَاهِرَةِ سنة إِحْدَى وَسبعين وسِتمِائَة وَتُوفِّي فِي شعْبَان سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بالقرافة عِنْد ابْن أبي جَمْرَة وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة وَله مصنفات مفيدة ومؤلفات حميدة قَالَ ﵀ فِي تَرْجَمته لِابْنِ تَيْمِية بعد أَن ذكر تَرْجَمَة الْحَافِظ الْمزي وَهُوَ الَّذِي حداني على رُؤْيَة الشَّيْخ الإِمَام شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام بن تَيْمِية فَأَلْفَيْته مِمَّن أدْرك من الْعُلُوم حظا وَكَاد أَن يستوعب السّنَن والْآثَار حفظا إِن تكلم فِي التَّفْسِير فَهُوَ حَامِل رايته أَو أفتى فِي الْفِقْه فَهُوَ مدرك

1 / 26

غَايَته أَو ذَاكر فِي الحَدِيث فَهُوَ صَاحب علمه وَذُو رِوَايَته أَو حَاضر بالملل والنحل لم ير أوسع من نحلته فِي ذَلِك وَلَا أرفع من درايته برز فِي كل فن على أَبنَاء جنسه وَلم تَرَ عين من رَآهُ مثله وَلَا رَأَتْ عينه مثل نَفسه كَانَ يتَكَلَّم فِي التَّفْسِير فيحضر مَجْلِسه الجم الْغَفِير ويردون من بحره العذب النمير ويرتعون من ربيع فَضله فِي روضه وغديره الى ان دب الى اهل بَلَده دَاء ٠ الْحَسَد واكب اهل النّظر مِنْهُم على مَا ينْتَقد عَلَيْهِ من أُمُور المعتقد فحفظو عَنهُ فِي ذَلِك كلَاما أوسعوه بِسَبَبِهِ ملاما وفوقو لتبديله سهاما وَزَعَمُوا انه خَالف طريقهم وَفرق فريقهم فنازعهم ونازعوه وقاطع بَعضهم وقاطعوه ثمَّ نَازع طَائِفَة أُخْرَى ينتسبون من الْفقر الى طَريقَة ويزعمون أَنهم على ادق بَاطِن مِنْهَا واجلى حَقِيقَة فكشف تِلْكَ الطرائق وَذكر لَهَا على مَا زعم بوائق فآضت الى الطَّائِفَة الأولى من منازعته واستعانت بذوي الضعن عَلَيْهِ من مقاطعته فوصلوا بالأمراء أمره وأعمل كل مِنْهُم فِي أمره فكره فرتبوا محَاضِر وألبو للسعي بهَا بَين الاكابر وَسعوا فِي نَقله الى المملكة بالديار المصريه فَنقل وأودع السجْن سَاعَة حُضُوره واعتقل وعقدوا لاراقة دَمه مجَالِس وحشدوا لذَلِك قوما من عمار الزوايا وسكان الْمدَارِس من مجامل فِي الْمُنَازعَة مخاتل بالمخادعة وَمن مجاهر بالتكفير مبارز بالمقاطعة يسومونه ريب المنونون ﴿وَرَبك يعلم مَا تكن صُدُورهمْ وَمَا يعلنون﴾ الْقَصَص ٦٩ فَرد الله كيد كل فِي نَحره ونجاه على يَد من اصطفاه ﴿وَالله غَالب على أمره﴾ يُوسُف ٢١

1 / 27