شفيقة ومتولي
شفيقة ومتولي
شفيقة ومتولي
شفيقة ومتولي
تأليف
شوقي عبد الحكيم
شفيقة ومتولي
المكان:
منزل بغي.
وتترك الحرية لمهندس الديكور في تصوره تبعا لاحتياجات المسرحية.
Unknown page
ويمكن أن يكون المسرح كله مسرحا بنفسجيا، ولون جسد المرأتين نحاسيا.
الوقت:
منتصف الليل.
مع حركة فتح الستار يغني «كورس بصوت متوسط»:
وعد ومكتوب ع الجبين
لازم تشوفو العين.
على المسرح امرأتان منهمكتان في خلع ملابسهما. (تمثيل صامت مبالغ فيه لحركة التخلص من الملابس.) (فترة)
المرأة الأولى:
شفيقة، وهي امرأة جسدها فارع، في منتصف العمر، حلوة.
المرأة الثانية:
Unknown page
عجوز ضامرة، جسدها ضئيل، ولون بشرتها غامق، وكل ما فيها جاف.
شفيقة (من عند المرآة، وبصوت مخمور قليلا) :
الساعة واحدة بعد نص الليل.
هنادي :
ودا معاده.
شفيقة :
معاده، أيوه، نص الليل.
هنادي :
أنا عارفة اللي انتي هتقوليه.
شفيقة :
Unknown page
معاده.
هنادي :
طول عمرك تقوليه.
شفيقة :
عرفاه.
هنادي :
مفيش يوم متقولهش.
شفيقة :
هوا كده.
هنادي :
Unknown page
انتي أصلك بتتخبلي بالليل.
شفيقة :
لازم ييجي.
هنادي :
وشعرك بيسقط.
شفيقة :
عرفاه.
هنادي :
وجلد وشك كمان.
شفيقة :
Unknown page
دا معاده.
هنادي :
وكل اللي تحت إيدك يصبح مر.
شفيقة :
أخويه.
هنادي :
والعلقم يملا حنكك.
شفيقة :
متولي، متولي.
هنادي (بصوت عال) :
Unknown page
وهيه دي شفيقة. (صمت)
شفيقة :
قاعدة استناه.
هنادي (تسأل) :
هوا كل ليلة بييجي؟
شفيقة :
لازم ييجي.
هنادي :
الخوف بيندهله؟
شفيقة :
Unknown page
أمال يسبني كده؟ قاعدة في السكة؟ ملطوعة؟
ودا معقول يسيبك؟ يسيبك ازاي؟ يبقى عبيط ميعرفش حاجة يبقى ابن امبارح. (صمت)
انتي بتقلعي هدومك؟ دي بتقع منك، من غير ما تدري، تبصي تلقيها ع الأرض. وجسدك مفضوح، وجتتك مفيش حواليها حاجة، وكل اللي لك مش لك. (يواصلان خلع ملابسهما فترة.)
شفيقة (بإيقاع من يحكي ويتذكر) :
من يوم ما مشينا، وسبناهم، وفتنا ع الزراعية.
هنادي :
واقع، واقع، ومتبقيش عارفة تلميه.
شفيقة :
من جنب الطاحون.
هنادي :
Unknown page
والناس تبقى عماله.
شفيقة :
وفتنا ع البلاد.
هنادي :
ومفيش حد ساكت.
شفيقة :
وجينا أسيوط.
هنادي :
كلهم شايفين.
شفيقة :
Unknown page
وقعدنا في البيت ده.
هنادي :
وبيتكلموا عليه.
شفيقة :
كل ليلة استناه.
هنادي :
أنا عارفة اللي انتي هتقوليه. (فترة)
شفيقة :
بتقولي كل ليلة أقولو؟ أصلي لازم أقولو، أمال أسكت؟ أنا أصلي أعده أستناه لما ييجي، يكسر الباب ويدخل، ولما يدخل يقول: أنا جيت، ويفضل يقرب مني ويقرب، وفي إيده حاجة، ووشه مغير مش وشه، زعلان متضايق حزين مكسور واقع جنب الهدوم.
هنادي :
Unknown page
الخوف.
شفيقة :
متولي، متولي، أنا عارفاه. (صمت)
هنادي (تكف عن خلع ملابسها، يبدو عليها الهلع، تتجه ناحيتها وتمسك بها وتهزها، وتتحسس جسدها، وتستعطفها) :
نهرب، نهرب، نمشي من هنا، هو جه؟
شفيقة :
نزل م القطر.
هنادي :
شايفاه.
شفيقة :
Unknown page
نازل قدامي.
هنادي (تسأل فجأة) :
في إيده حاجة؟
شفيقة :
شايفاها، حاجة.
هنادي :
وأنا كمان؟
شفيقة :
انتي قبليه، انتي السبب؛ كان دايما يقول ويشتم ويزعق ويملا الدنيا: ابعدي عنها، ابعدي عنها.
هنادي :
Unknown page
كان عارف؟
شفيقة :
كل الناس كانت عارفة، السبب انتي، وشفوني عند الطاحون عند بيتك في عز الضهر والشمس مالية الدنيا، عنيها على الدنيا، عنيها قد السما.
هنادي (تهزها) :
نمشي، نهرب،
شفيقة :
وفي ليلة جمعة ضربني، مسكني عند العتبة، ورجلي على العتبة وضربني، شدني في الأرض، وشعري وقع ... جسدي كله، ورقد عليه بكل جسمه، وقطع من جسمي وشعري، وكلي.
هنادي (منزعجة) :
بتقولي جي؟
شفيقة :
Unknown page
يوم ما جيت من عندك من عند الطاحون في ليلة جمعة وكان يكرهك.
هنادي (بمسكنة) :
نهرب يا شفيقة، أنا طول عمري أحبك، واحنا مشينا سوا، نمشي من هنا؛ عشان لما ييجي ما يلقناش، نكون مشينا، ومحدش يعرف لنا أثر، كل الليل ورانا نرميه نقيد فيه النار، ناكله بادينا واسنانا، منسبشي حاجة، وكله يروح، يتهد.
شفيقة :
كان يقول: هيه السبب، هنادي السبب، هنادي وش خراب، هنادي خراب ... خراب.
هنادي :
مفيش حاجة من غير ولعة، كله نسيبه هنا، وحده محروق، والبلاد كتير، كتير ملو الأرض، كتير نمشي يا شفيقة، وحياة عنيك.
شفيقة :
لو كان طالك قبل ميسافر ع الجيش، ع الجهادية؟!
هنادي :
Unknown page
دا مكتوب.
شفيقة :
لو كان مشي ناحية الطاحون، ناحية بيتك، ناحية هنادي؟!
هنادي :
ويومها أنا كنت لسه ندابه، والموت كان كتير.
شفيقة :
كان يقول: دي تخرب البيوت العمار، دي الموت في رجليها، دي كل ما تمشي يمشي الموت.
هنادي :
نصيبي، نصيبي يا شفيقة.
شفيقة (تواصل خلع ملابسها) :
Unknown page
وأنا رحت برجلية للموت.
هنادي :
نمشي يا أختي، نهرب، نلحق قبل ما ييجي.
شفيقة :
أشيل إيدي وأحطها، أشيل رجلي، أمشي، أقوم، أقعد ... أنا، ومفيش حاجة من دا كله، من يوم ما نزلت.
هنادي :
دا وعد يا شفيقة، وعد ونزلناه، برجلينا نزلناه.
شفيقة :
وكل ما أمشي أرحله في لربع جهات، وتحت وفوق.
هنادي :
Unknown page
نسيبه، نبعد عن هنا، عن أسيوط.
شفيقة :
وملوش آخر، من يوم ما مشينا وخطينا وفتحنا بيت وسمعتك. (تركع هنادي عند قدمي شفيقة وتشد ملابسها إلى أسفل وتجهش.)
هنادي :
مكتوب نمشي، دا جي، بتقولي جي؟ نزل م القطر؟!
شفيقة (تشير إلى الباب) :
وفتح الباب. (يسمع صوت باب يفتح محدثا صريرا طويلا.)
ولابس بدلة الجيش، من يومها مشفتوش، بشوفو هنا بس عندك.
هنادي (تنهار) :
دخل؟ دخل يا شفيقة؟ متولي!
Unknown page
شفيقة :
خطا العتبة.
هنادي :
نلحق يا ختي، نحرقه، نهرب، وميبقاش كله نحرقه ... بنار الفرن نحرقه.
شفيقة :
دا ورانا.
هنادي :
خطا العتبة؟
شفيقة :
واقف ع الباب. (تضاء بقعة في مؤخرة المسرح، يقف فيها شاب مكتمل، أسمر، مفرود، صامت، منكس.)
Unknown page
هنادي (تركع) :
خلاص لحقنا، صبح معانا؟
شفيقة (تترك مكانها وتتحرك مبتعدة عنها، تتجه إليه متوسلة) :
انت جيت ياخويا؟
متولي (مطرقا، مستسلما) :
جيت.
شفيقة :
عشان تزورني؟
متولي (صارخا) :
يا شفيقة. (صمت)
Unknown page
شفيقة :
عشان الوحش اللي أنا لبساه؟
متولي :
دا ميتقلعش.
شفيقة :
من يومها بقلع فيه.
متولي :
أنا عارف.
شفيقة :
مش كل ليلة بتشوفني؟
Unknown page