Series of Faith and Disbelief - Introduction
سلسلة الإيمان والكفر - المقدم
Genres
الجهل والشرك على قاعدة أهل السنة
كما أن الكفر كفران، والظلم ظلمان، والفسق فسقان، فإن الجهل جهلان، مثل قوله ﵎: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف:١٩٩].
وهناك جهل غير مكفر، كما في قوله ﵎: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾ [النساء:١٧]، فهنا جهل عملي، مثل قوله ﵊ في الدعاء إذا خرج من البيت: (اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل عليّ).
وكما يقول الشاعر: ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا فهذا جهل عملي، وليس بالجهل الأكبر المخرج من الملة.
كذلك الشرك شركان: شرك ينقل عن الملة، ويخرج من الملة، وهو الشرك الأكبر، وهناك شرك دون شرك، وهو الشرك الأصغر؛ كشرك العمل (الرياء).
قال ﵎ في الشرك الأكبر: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ﴾ [المائدة:٧٢]، فهذا شرك أكبر.
وقال ﵎: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج:٣١].
أما ما دون ذلك، فقال ﷿: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:١١٠]، وهذا شرك الرياء كما فسره العلماء بذلك، وهو أن يعمل عملًا لغير الله، يعمله مراءاة للناس، فهذا شرك دون شرك.
والشرك الأصغر يدل عليه قوله ﵌: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)، ولذلك قال ﵊: (من قال: واللات، فليقل: لا إله إلا الله)، فهذه معصية كفارتها أن تقول كلمة التوحيد.
أيضًا من هذا الشرك الذي هو دون شرك، ما ورد في قوله ﵌: (الشرك في هذه الأمة -أي: الأمة المحمدية- أخفى من دبيب النمل)، وذكر ﵌ في نفس الحديث صورة لذلك فقال: (أن يقوم الرجل في صلاته فيطيلها لما يعلم من نظر الناس إليه)، فهذا أيضًا شرك عملي، أو شرك دون شرك.
فانظر كيف انقسم الشرك والكفر والفسوق والظلم والجهل إلى ما هو كفر ينقل عن الملة وإلى ما لا ينقل عنها.
3 / 13