لا تقدر على إخراج الكلام إلى صورةٍ تكون فيها الواو عارية من معنى مع، ويكون تشبيهًا بعد تشبيه. فإن قلتَ إنّ في مُعلِّقٍ معنى الذات والصفةِ معًا، فيمكن أن يكون أراد أن يشبّه نفسه بذات الفاعل وتزيينه بالفعل نفسه، أقول لو أُريد إنّي كمعلّق دُرًّا على خنزير، وإن تزييني بمدحي معشرًا كتعليق دُرّ على خنزير، كان قولًا ظاهر السقوط، لما ذكرتُ من أنه لا يُتصوَّر أن يشبّه المتكلم نفسَه، من حيث هو زيدٌ مثلًا، بمعلّق الدُرّ على الخنزير من حيث هو عَمْرٌو، وإنما يشبّه الفعل بالفِعْلِ فاعرفه. فإن قلت فما تقول في قوله:
وحتى حسبتُ الليلَ والصبحَ إذ بَدَا ... حِصانَين مُخْتالَين جَوْنًا وأشْقَرَا
فإن ظاهره أنه من جنس المفرَّق، أقول نعم، إلا أن ثَمَّةَ شيئًا كالجمع، وهو أنّ لاقتران الحصانين الجون والأشقر في الاختيال ضربًا من الخُصوصية في الهيئة، لكنه لا يبلغ مبلغَ ليلٌ تَهاوَى كواكبُه، ولا مبلَغَ قوله: " وَالصُّبْحُ مثل غُرّةٍ في أدْهَمِ ". كما أنّ قولَه: