نقرأ في كتاباتهم مرارا وتكرارا زعمهم بان النبوة ما هي إلا نبوغ بشري ، وأن النبي مجرد نابغة اجتماعية استطاع تغيير مسار الحياة البشرية بافكاره النيرة!!
ولا شك أن مثل هذا التصور ينبع من طريقة التفكير المادي الذي يعتبر جميع الأديان من ولائد الفكر البشري وافرازات الذهن الانساني ، في حين ان علماء العقيدة اثبتوا في : مباحث « النبوة العامة » ان النبوة عطية الهية ، وموهبة ربانية هي في الحقيقة منشأ جميع الالهامات والارتباطات المعنوية ، ومصدر لمناهج الانبياء وبرامجهم ، ليست ابدا وليدة نبوغهم الإنساني ، ولا نسيجة فكرهم البشري ، وليس لها مصدر إلا الإلهام من الغيب ، ولكن عندما ينظر المستشرق المسيحي إلى هذه القضايا من زاوية الفكر المادي ويريد تفسير جميع هذه الظواهر بالاسس العلمية التي كشفت عنها التجربة ينتقد مثل هذه الحوادث ذات الطابع الاعجازي ، وربما انكرها من الاساس.
** 2 المؤمنون بالله :
آخر ، وأن ذلك العالم ( اي عالم التجرد وما وراء الطبيعة ) هو المنظم لهذه الطبيعة ، وهو المدبر لهذا الكون المادي.
وبعبارة اخرى إن عالم المادة ليس عالما مسيبا ، مستقلا عن غيره ، وان جميع الانظمة والقوانين الطبيعية والعلمية مسببة عن تأثيرات موجودات عليا ، وبخاصة ناشئة عن إرادة الله الخالق ، الذي اعطى للمادة وجودها ، وأوجد القوانين والعلاقات الصحيحة بين أجزائها ، وبنى بقاءها على سلسلة من النواميس الطبيعية.
إن هذا الفريق من الناس مع احترامهم للقوانين العلمية ، واذعانهم الصادق بما قاله العلماء في صعيد العلاقات ، والروابط القائمة بين القوانين مما أثبته العلم واكده ، يعتقدون بأن مثل هذه القوانين الطبيعية ليست امورا لا تقبل التغيير ، والتبدل.
فهم يعتقدون بأن العالم الاعلى يمكنه إذا أراد أن يغير تلك القوانين لغايات خاصة ، وليس في مقدوره ذلك فقط ، بل فعل ذلك في جملة من الموارد
Page 220