كمعاجز الانبياء ، وازداد عدد المنكرين لها والشاكين فيها ، والمترددين في قبولها يوما بعد يوم!!
لقد تسبب الغرور العلمي الذي أصيب به العلماء في الغرب في ان ينظر بعض اولئك العلماء إلى جميع القضايا الدينية بعين الازدراء والتحقير ، وأن يمتنعوا حتى عن التحدث في المعاجز التي يخبر بها التوراة والانجيل ، ويعتبروا عصا موسى عليه السلام التي كانت تشفي المرضى وتحيي الموتى من الأساطير ، وراحوا يتسائلون في عجب واستنكار : وهل يمكن أن تتحول قطعة من الخشب اليابس إلى أفعي ، أو ثعبان ، أو هل يمكن ان تعود الحياة إلى ميت بكلمات من الدعاء؟
لقد تصور العلماء الذين أسكرتهم فتوحاتهم العلمية ، انهم ملكوا مفاتيح جميع العلوم ، ووقفوا على جميع العلاقات بين الكائنات الطبيعية والظواهر الكونية ، ومن هنا تصوروا أنه لا توجد اية علاقة بين قطعة الخشب والثعبان ، أو بين جملة من الدعاء والتفاتة من بشر وعودة الروح إلى الموتى ، ولهذا أخذوا ينظرون إلى هذه الامور بعين الشك والترديد ، وربما بعين الانكار والرفض المطلق!!
وقد سرى هذا النوع من التفكير إلى اوساط بعض العلماء المصريين الذين تأثروا بهذا الاتجاه اكثر من غيرهم ، مع بعض التعديل في ذلك الموقف ، وشيء من الاختلاف في النظرة المذكورة ، ولهذا اتبعوا تلك السيرة في تحليل الوقائع والحوادث التاريخية والعلمية من هذا النوع ، والسر في تأثر بعض علماء مصر بهذه النظرة قبل واكثر من غيرهم هو احتكاك هذه الجماعة بالأفكار الواردة من الغرب قبل غيرهم ، ومن هذه المنطقة سرت بعض النظريات والآراء الغربية إلى البلاد الإسلامية الاخرى.
لقد اختار هؤلاء طريقا خاصا قصدوا به الحفاظ على حرمة الكتاب العزيز ، والاحاديث القطعية ومكانتها من جهة ، وكسب نظر العلماء الماديين الطبيعيين إلى انفسهم من جهة اخرى ، أو ارادوا ان لا يختاروا ما لا يمكن التوفيق بينه وبين القوانين العلمية الطبيعية وتطبيقه عليها.
Page 167