104

Sayl Jarrar

السيل الجرار

Publisher

دار ابن حزم

Edition Number

الطبعة الأولى

وأخرج أبو دأود ["٥٦١"]،والترمذي ["٢٢٣"] عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "بشر المشائين في الظلم إلي المساجد بالنور التام يوم القيامة". وورد أيضا "من حافظ على هذه الصلوات حيث ينادى لها" [مسلم "٢٥٧/٦٥٤"، أبو دأود "٥٥٠"، النسائي "٢/١٠٨"، ابن ماجة "٧٧٧"]، الحديث. وورد أيضا "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد". وورد أيضا "أن منتظر الصلاة في المساجد في صلاة" [البخاري "٦٥٩، ٣٢٢٩"، مسلم "٥/١٦٦ – ١٦٧"، أبو دأود "٤٧٠"] . وورد أيضا عدم الترخيص لمن سمع النداء في حضور المسجد الذي ينادى للصلاة فيه وثبت الحث على بناء المساجد والترغيب في ذلك. وحديث "أحب البلاد إلي الله مساجدها" [مسلم "٦٧١"] . وهذه أحاديث معروفة مشهورة وهي تدل على مزيد خصوصية في الفضيلة للمساجد التي يجتمع الناس إليها وينادى للصلاة فيها وهي أخص من كون كل بقاع الأرض مسجدا لحديث "جعلت لي الأرض مسجدا" فهذا هو الوجه لقول المصنف رحمه: "وأفضل أمكنتها المساجد". وأما جعل مسجد الكوفة في الشرف بعد الثلاثة المساجد فلم يثبت ذلك بدليل ولا كان للكوفة مسجد في أيام النبوة وكان الأولى أن يجعل مكان مسجد الكوفة مسجد قباء ومسجد عبد القيس بعد أن يذكر شرف البقاع التي ثبت أن النبي ﷺ صلى فيها. وأما شرف الجوامع فإن كان لكثرة الجماعات فيها فليس ذلك بمختص بالمساجد بل صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ثم صلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ثم كذلك كلما كثر الجمع في الجماعة كانت أزكى كما وردت السنة بذلك. وأما قوله: "ثم ما شرف عامره" فليس ذلك بمزية توجب كون المسجد أفضل من غيره فضلا عن كون الصلاة فيه أفضل منها في غيره وما اسمج ما قال الجلال ﵀ ها هنا من أن الأرض قد جعلها الله مسجدا على السواء وهو أعظم من كل عظيم فترجيح وضع العبد على وضع الرب مما لا ينبغي أن ينسب إلي ذي فهم انتهى. ولا يخفاك أن المساجد التي جعلها العباد هي أحد بقاع الأرض التي جعلها الله مسجدا وليست غيرها ولا خارجة عنها حتى يتم ما قاله وكان ينبغي للمصنف ﵀ أن يجعل مكان ما شرف عامره الصلاة في فلاة من الأرض فإنه قد ورد أنها بخمسين صلاة وقد ذكرنا في شرح المنتقي عند ذكر مصنفه لهذا الحديث ما ينبغي الرجوع إليه لما اشتمل عليه من الفائدة. قوله: "ولا يجوز في المساجد إلا الطاعات". أقول: هي التي بينها رسول الله ﷺ بقوله: "إنما هي لذكر الله والصلاة" [البخاري"٦٠٢٥"، مسلم "١٠٠/٢٨٤"، الترمذي "١٤٧"، النسائي "١/١٧٥"، ابن ماجة "٥٢٨"، أحمد "٣/١١٠ – ١١١"] وفي

1 / 110