136

Ṣayd al-Khāṭir

صيد الخاطر

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publisher Location

دمشق

٣٩١- وإن اللذات لتعرض على المؤمن، فمتى لقيها في صف حربه وقد تأخر عنه عسكر التدبر للعواقب، هزم.
وكأني أرى الواقع في بعض أشراكها، ولسان الحال يقول له: قف مكانك، أنت وما اخترت لنفسك. فغاية أمره الندم والبكاء، فإن أمن إخراجه من تلك الهوة، لم يخرج إلا مدهونًا بالخدوش. وكم من شخص زلت قدمه، فما ارتفعت بعدها.
٣٩٢- ومن تأمل ذل إخوة يوسف ﵇ يوم قالوا: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ [يوسف: ٨٨]، عرف شؤم الزلل، ومن تدبر أحوالهم، قاس ما بينهم وبين أخيهم من الفروق، وإن كانت توبتهم قبلت؛ لأنه ليس من رقع وخاط كمن ثوبه صحيح.
٣٩٣- ورب عظم هِيضَ١ لم ينجبر، فإن جبر، فعلى وهيٍ٢.
فتيقظوا -إخواني- لعرض المشتهيات على النفوس، واستوثقوا من لجم الخيل، وانتبهوا للغيم، إذا تراكم بالصعود إلى تلعة٣، فربما مد الوادي فراح بالركب٤.

١ هيض: كسر.
٢ الوهي: الضعف.
٣ التلعة: "من الأضداد": ما ارتفع من الأرض، وما انخفض منها.
٤ أي: جاء سيل فأهلك القافلة.
٧٤- فصل: يريد اختبارك ليعرف أسرارك
٣٩٤- تأملت حالةً عجيبةً، وهي أن المؤمن تنزل به النازلة، فيدعو، ويبالغ، فلا يرى أثرًا للإجابة، فإذا قارب اليأس، نظر حينئذ إلى قلبه، فإن كان راضيًا بالأقدار، غير قنوط من فضل الله ﷿ فالغالب تعجيل الإجابة حينئذ؛ لأن هناك يصلح الإيمان، ويهزم الشيطان، وهناك، تبين مقادير الرجال. وقد أشير إلى هذا في قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢١٤] .
٣٩٥- وكذلك جرى ليعقوب ﵇؛ فإنه لما فقد ولدًا، وطال الأمر عليه، لم ييأس من الفرج، فأخذ ولده الآخر، ولم ينقطع أمله من فضل ربه: ﴿أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ

1 / 138