117

Sayd Khatir

صيد الخاطر

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publisher Location

دمشق

الباحث عن القدر إذا بلغ فهمه إلى أن يقول: قضى وعاقب، تزلزل إيمانه بالعدل، وإن قال: لم يقدر، ولم يقض، تزلزل إيمانه بالقدرة والملك، فكان الأولى ترك الخوض في هذه الأشياء. ٣٢٦- ولعل قائلًا يقول: هذا منع لنا عن الاطلاع على الحقائق، وأمر بالوقوف مع التقليد! فأقول: لا، إنما أعلمك أن المراد منك الإيمان بالجمل، وما أمرت بالتنقير "لمعرفة الكنه"، مع أن قوى فهمك تعجز عن إدراك الحقائق. فإن الخليل ﵊ قال: ﴿أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى﴾ [البقرة: ٢٦٠] . فأراه مَيْتًا أحيي، ولم يره كيف أحياه؛ لأن قواه تعجز عن إدراك ذلك. ٣٢٧- وقد كان النبي ﷺ -وهو الذي بعث ليبين للناس ما نزل إليهم- يقنع من الناس بنفس الإقرار، واعتقاد الجمل. ٣٢٨- وكذلك كانت الصحابة، فما نقل عنهم أنهم تكلموا في تلاوة ومتلو، وقراءة ومقروء، ولا أنهم قالوا: استوى بمعنى استولى! وينزل بمعنى يرحم! بل قنعوا بإثبات الجمل التي تثبت التعظيم عند النفوس، وكفوا كف الخيال بقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] . ٣٢٩- ثم هذا منكر ونكير، إنما يسألان عن الأصول المجملة، فيقولان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ومن فهم هذا الفصل، سليم من تشبيه المجسمة، وتعطيل المعطلة، ووقف على جادة السلف الأول. والله الموفق.
٦٢- فصل: أخذ السمع والبصر يكون بذهولهما عن الحقائق ٣٣٠- قرأت هذه الآية: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ﴾ [الأنعام: ٤٦]، فلاحت لي منها إشارة كدت أطيش منها، وذلك أنه: إن كان عني بالآية نفس السمع والبصر، فإن السمع آلة لإدراك المسموعات، والبصر آلة لإدراك المبصرات، فهما يعرضان ذلك على القلب، فيتدبر ويعتبر؛ فإذا

1 / 119