Sarim Munki
الصارم المنكي في الرد على السبكي
Investigator
عقيل بن محمد بن زيد المقطري اليماني
Publisher
مؤسسة الريان
Edition Number
الأولى
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Ḥadīth Studies
فدعوى المدعي أن الأنبياء والرسل يملكون لمن زارهم ودعا بهم أو دعاهم وأشرك بهم من الضر والنفع ما لم يملكوه في حياتهم من أبين الباطل المتضمن للكذب على الشرع والقدر.
ويقال ثالثًا: دعوى ذلك مناقضة صريحة لما قصده الرسول، فإن ذها يوجب من تعظيم قبورهم وقصد انتيابها في الحاجات والرغبات، وجعلها من أجل الأعياد واتخاذ المساجد والسرج عليها ما يكون أدعى إلى هذا المطلوب، وهذا ضد مقصود الرسول من كل وجه ودعاء إلى ما حذر منه،وترغيب تام فيما نهى عنه فليتدبر اللبيب هذا الموضع، فإنه سر الفرق بين التوحيد ووسائله، والشرك ووسائله، ومن ظن أن ذلك تعظيم لهم فهو غالط جاهل، فإن تعظيمهم إنما هو بطاعتهم واتباع أمرهم ومحبتهم وإحلالهم، فمن عظمهم بما هو عاص لهم به لم يكن ذلك تعظيمًا، بل هو ضد التعظيم فإنه متضمن مخالفتهم ومعصيتهم، فلو سجد العبد لهم أو دعاهم من دون الله، أو سبحهم، أوطاف بقبورهم واتخذ عليها المساجد والسرج، أو أثبت لهم خصائص الربوبية ونزهمم عن لوازم العبودية، وادعى أن ذلك تعظيم لهم، كان من أجهل الناس وأضلهم، وهو من جنس تعظيم النصارى للمسيح حتى أخرجوه عن العبودية.
وكل من عظم مخلوقًا بما يكرهه ذلك المعظم ويبغضه ويمقت فاعله، فلم يعظمه في الحقيقة، بل عامله بضد تعظيمه، فتعظيم الرسول ﷺ أن تطاع أوامره وتصدق أخباره، ولا يقدم على ما جاء به غيره.
فالتعظيم نوعان: أحدهما: ما يحبه المعظم ويرضاه ويأمره ويثني على فاعله، فهذا هو التعظيم في الحقيقة.
والثاني: ما يكره ويبغضه ويذم فاعله، فهذا ليس بتعظيم، بل هو غلو مناف للتعظيم، ولهذا لم يكن الرافضة معظمين لعلي بدعواهم فيه الإلهية والنبوة، أو العصمة ونحو ذلك، ولم يكن النصارى معظمين للمسيح بدعواهم فيه ما ادعوا، والنبي ﷺ قد أنكر على من عظمه بما لم يشرعه، فأنكر على معاذ سجوده له (١)، وهو محض التعظيم.
وفي المسند بإسناد صحيح على شرط مسلم عن أنس بن مالك أن رجلًا قال: يا محمد، يا سيدنا، وابن سيدنا وخيرنا، وابن خيرنا فقال رسول الله ﷺ: «عليكم بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، مأ (٤) أن ترفعوني
(١) تقدم تخريجه.
1 / 288