فإذا أملى عليه ﴿عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ كتب ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فيقول رسول الله ﷺ: "هذا أو ذاك سواء" فلما نزلت ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ أملاها عليه فلما انتهى إلى قوله: ﴿خَلْقًا آخَرَ﴾ عجب عبد الله بن سعد فقال: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ فقال رسول الله ﷺ: "كذا أنزلت علي فاكتبها" فشك حينئذ وقال: لئن كان محمد صادقا لقد أوحي إلي كما أوحي إليه ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال فنزلت هذه الآية.
ومما ضعفت به هذه الرواية أن المشهور أن الذي تكلم بهذا عمر بن الخطاب ﵁.
ومن الناس من قال قولا آخر قال: الذي ثبت في رواية أنس أنه كان يعرض على النبي ﷺ ما كتبه بعدما كتبه فيملي عليه ﴿سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ فيقول: كتبت ﴿سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ فيقول: "دعه" أو "اكتب كيف شئت" وكذلك في حديث الواقدي أنه كان يقول: "كذاك أنزل الله" ويقره.
قالوا: وكان النبي ﷺ به حاجة إلى من يكتب لقلة الكتاب في الصحابة وعدم حضور الكتاب منهم في وقت الحاجة إليهم فإن العرب كان الغالب عليهم الأمية حتى إن كان الجو العظيم يطلب فيه كاتب فلا يوجد وكان أحدهم إذا أراد كتابة أو شقة وجد مشقة حتى يحصل له كاتب فإذا اتفق للنبي ﷺ من يكتب له انتهز الفرصة في كتابته فإذا زاد كاتب أو نقص تركه لحرصه على كتابة ما يمليه ولا يأمره بتغيير ذلك خوفا من ضجره وأن يقطع الكتابة قبل إتمامها ثقة منه ﷺ بأن تلك الكلمة أو الكلمتين تستدرك فيما بعد بالإلقاء