86

ثم قال يوري ووجهه أصفر: «الموت شيء فظيع.»

فتنهدت دوبوفا ونظرت إلى الفضاء. وارتعشت ذقن سينا وابتسمت وهي لا تملك غير ذلك ولم تستطع أن تحس ما أحساه من الهول. وهي غادة في عنفوان الصبا يجول في عودها ماء الحياة الدافق ولا يسعها أن تحصر خواطرها في الموت. ولم يكن مما يصدقه خيالها أو يقوى على تصوره أن يتعذب أحد ويموت في ليلة صيفية جميلة وضيئة كهذه. نعم إن الموت طبيعي لا شك فيه، ولكنه لسبب ما خطأ. وأخجلها هذا الإحساس فعالجت أن تنفيه وأن تظهر على قسمات وجهها دلائل العطف. وراحت بفضل هذا الجهد وهي أظهر أسى من صاحبيها وسألت: «مسكين! أهو حقيقة ...؟»

وكانت تريد أن تسأل: «هل سيموت عاجلا؟»

ولكن الألفاظ وقفت في حلقها. وجعلت تلقي على دوبوفا أسئلة فارغة مفككة.

فقالت دوبوفا بصوت فاتر: «إن أناتول بافلوفتش يقول إنه سيموت الليلة أو غدا صباحا.»

فهمست سينا: «أولا نذهب إليه؟ أم تريان أن البقاء خير؟ لا أدري!»

وكان هذا السؤال يدور في أذهانهم جميعا - أيذهبون ويشهدون سمينوف وهو يقضي نحبه؟ أيكون هذا خطأ منهم أم صوابا - ورغبوا جميعا في الذهاب ولكنهم أشفقوا مما عسى أن يشهدوا.

فهز يوري كتفيه وقال: «فلنذهب. ومن المحتمل جدا أن لا يأذنوا لنا وربما ...»

فأضافت دوبوفا كأنما ارتفع عن كاهلها عبء: «ربما طلب سمينوف أن يرى بعضهم على الخصوص.»

فقالت سينا بلهجة جافة: «تعالوا بنا! سنذهب.»

Unknown page