83

وظل يوري جامدا يرمقها ويحبس أنفاسه أن تطغى بصدره.

وأحست هي أنها قيد لحظه فأغمضت عينيها وانطلقت تغني أعذب غناء وأحره.

وكان السكون شاملا محيطا كأن كل شيء يصغي، ومثل في خاطر يوري سكون الغابات الرهيب في الربيع إذا ما غرد بلبل.

وكانت خاتمة غنائها نغمة صافية عالية غادرت السكون أتم وأشد.

وكان الشفق قد زال وأمست السماء حالكة مهولة وارتعشت الأوراق والحشائش من حيث لا تراها عين، وهب على المرج وجاز الحديقة نسيم أرج خفيف كالزفرة.

فأدارت سينا عينيها المتألقتين في الظلام إلى يوري وقالت: «ما لك صامتا؟»

أجاب: «ما أجمل هذا المكان!» وتناول عود ليلاج ندي آخر.

فقالت سينا بهيئة الحالم: «نعم إنه جميل.»

فقال يوري: «جميل جدا أن يعيش المرء.» وطاف برأسه خاطر غامض مقلق ولكنه لم يلبث أن زال قبل أن يستبين ويتضح. وصفر بعضهم صفرتين عاليتين على الناحية الأخرى من المرج.

ثم سكنت كل نأمة فقالت سينا فجأة وقد سرها على ما يظهر هذا السؤال الذي لم يكن من داع له: «أتحب شافروف؟»

Unknown page