105

وكان المرء يرى عند نهاية الحقل صفا من الرجال صغيري الأجسام فشخصوا بأبصارهم إلى مصدر الصوت.

ثم اجتاز أحدهم الحقل متحرزا بين الأخاديد ولما دنا منهما رأى يوري فلاحا ضخما أبيض الشعر طويل اللحية مفتول الساعدين.

فسار إليهما وقال مبتسما: «إنك تحسن الصياح يا أناتول بافلوفتش.» «عم مساء كوسما كيف حالك؟ أتسمح لي أن أترك الجواد معك؟»

فقال الفلاح بصوت ساكن ودي وأمسك اللجام: «نعم ولا شك. جئت للصيد أليس الأمر كذلك؟ ومن هذا؟» وألقى إلى يوري نظرة رقيقة فقال ريازانتزيف: «إنه ابن نقولا يجوروفتش»

أجاب: «آه نعم! إني أراه شبيها بلياليا! نعم. نعم!» وسر يوري أن هذا الفلاح الهرم المغتبط يعرف أخته ويذكرها ذكر الصديق المخلص.

وقال ريازانتزيف بصوته الطروب وتقدم زميله بعد أن احتمل بندقيته وحقيبة الصيد: «والآن فلنمض في سبيلنا.»

فقال كوسما: «أرجو أن يكون حظكما عظيما.»

وكان يسمعانه يلاطف الجواد وهو يجره إلى كوخه.

وكان عليهما أن يسيرا نحو ميل قبل أن يصلا إلى المستنقع، وكادت الشمس تغيب، وكانت الأرض مكسوة بالحشائش والأعشاب تحس القدم بللها وتجد الأنف ريح رطوبتها والعين جهامتها، والماء تلمع صفحته في بعض المواضع.

وكف ريازانتزيف عن التدخين ووقف ورجلاه منفرجتان وتجهم وجهه كأنما كان يهم بعمل عظيم التبعة.

Unknown page