الكاتب بسبتة فذكر لي بيتي ابن رشيق ثم قال : أتقدر على اختصار هذا المعنى؟ فقلت : نعم أقدر على ذلك وأنشدته (1):
لا أركب البحر خوفا
علي منه المعاطب
فاستحسن ذلك إذ كان على الحال ، فأقام عني أياما ثم اجتمعت به فأنشدني لنفسه في المعنى :
ان ابن آدم طين
والبحر ماء يذيبه
** فأنشدته :
ومن بديع إنشاء ابن حجة الحموي (*) رسالته البحرية التي كتب بها إلى البدر الدماميني (*) يصف البحر والسفينة ، منها قوله :
يا مولانا وأبثك ما لاقيت من أهوال هذا البحر ، وأحدث عنه ولا حرج ، فكم وقع المملوك من أعاريضه في زحاف تقطع منها القلب لما دخل إلى دوائر تلك اللجج ، وشاهدت منه سلطانا جائرا ( يأخذ كل سفينة غصبا ) (3). ونظرت إلى الجوار الحسان وقد رمت أزر قلوعها ، وهي بين يديه لقلة رجالها تسبى ، فتحققت أن رأي من جاء يسعى في الفلك جالسا غير صائب ، واستصوبت هنا رأي من جاء يمشي وهو راكب. وزاد الظمأ بالمملوك وقد اتخذ في البحر سبيله ، وكم قلت من شدة الظمأ : يا ترى قبل الحفرة هل أطوي من البحر هذه الشقة الطويلة :
Page 110