215

الجبال بأرض خراسان ، والسند إلى أرض التبت. وبين هذه الممالك تباين وحدوب ، ولغاتهم مختلفة وآراؤهم غير متفقة ، والأكثر منهم يقول بالتناسخ وتنقل الأرواح.

قال : والهند في عقولهم وسياساتهم وحكمتهم وألوانهم وصفاتهم وصحة أمزجتهم وصفاء أذهانهم ودقة نظرهم بخلاف سائر السودان من الزنج وغيرهم وسائر الأجناس. وقد ذكر جالينوس : في الأسود عشر خصال اجتمعت فيه ولم توجد في غيره : تفلفل الشعر ، وخفة الحاجبين ، وانتشار المنخرين ، وغلظ [الشفتين] (1)، وتحديد الأسنان ، ونتن الجلد ، وسواد الحدق ، وتشقق اليدين والرجلين ، وطول الذكر ، وكثرة الطرب. قال جالينوس : وإنما غلب الأسود الطرب لفساد دماغه فضعف لذلك عقله. ولقد كان طاووس اليماني (2) صاحب عبد الله بن العباس لا يأكل من ذبيحة الزنجي ويقول : أنه عبد مشوه الخلقة. وبلغنا أن الراضي بالله كان لا يتناول شيئا من أسود ويقول : أنه عبد مشوه. فلا أدري أقلد طاووسا في مذهبه أم لضرب من الآراء والنحل. ولقد صنف الجاحظ كتابا في فخر السودان ومناظراتهم مع البيضان (3).

قال : والهند لا يملك الملك عليها حتى يبلغ من عمره أربعين سنة ، ولا تكاد ملوكهم تظهر لعوامهم إلا في كل برهة من الزمان معلومة ، لأن في نظر العوام عندها إلى ملوكها خرقا لهيبتها واستخفافا بحقها. فالرياسات عند هؤلاء لا تجوز إلا بالتكبر ووضع الأشياء مواضعها من مراتب السياسة.

قال : ورأيت في بلاد سرنديب وهي جزيرة من جزائر البحر إذا مات ملكهم صير على عجلة قريبة من الأرض صغيرة البكر (4) مستعدة لهذا

Page 230