قال بعض العلماء : وقد يشبه أن يكون هذا من بلال على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - عند إقامته ، قبل أن يدخل الصلاة ، لأن الحديث عن بلال جاء : أنه لم يؤذن لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا يوما واحدا ، إذ أتى مرجعه من الشام ، ولم يكن للناس عهد بأذانه حينا ، فطلب إليه أبو بكر وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن ، فلما سمع أهل المدينة صوت بلال ذكروا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بعد طول عهدهم بأذان بلال وصوته : جدد ذلك في قلوبهم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وشوقهم أذانه إليه ، حتى قال بعضهم : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ، شوقا منهم إلى رؤيته ، ولما هيجهم بلال عليه بأذانه وصوته ، فرقوا عند ذلك وبكوا ، واشتد بكاؤهم عليه - صلى الله عليه وسلم - ؛ حتى خرج العواتق(1)من بيوتهن شوقا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، حين سمعن صوت بلال وأذانه ، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولما قال بلال : ( أشهد أن محمدا رسول الله ) امتنع بلال من الأذان فلم يقدر عليه ، وقال بعضهم : سقط مغشيا عليه ، حبا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وشوقا إليه(2) ، فرحم الله بلالا والمهاجرين والأنصار ، وجعلنا وإياكم من التابعين لهم بإحسان.
Page 86