Sahyuniyya
الصهيونية: ملخص تاريخها، غايتها وامتدادها حتى سنة ١٩٠٥م
Genres
اختتمت الأنسيكلوبيديا بقولها: إن هذه الفرق كان لها تأثير على مجرى الصهيونية العمومي.
غير أن ما كان يتصدى لمبادئ مؤتمر باسل الرئيسية منها لم يلاق سوى الرفض.
وظهر استعداد عظيم للقيام بالعمل في فلسطين على قواعد فعلية بدون انتظار نتيجة العمل السياسية الإدارية النهائية.
هنا انتهى ملخصا ما نقلته الأنسيكلوبيديا عن الصهيونية، وسنبدأ في العدد القادم بنشر مطالعاتنا بالإيجاز المقتضي على هذه الحقائق التي لا يستهان بها.
تبين من تقرير الأنسيكلوبيديا اليهودية الذي تقدم أن الصهيونية حركة عظيمة تشغل أفكار وقلوب اليهود في أقطار العالم كله، وأن القائمين بتدبيرها هم من أقدر رجال العالم، وقد عرفوا كيف يوفقون بين الأميال الدينية والقومية، وهي مؤسسة على قواعد صحيحة تكفل انضمام اليهود إليها، فهي تحافظ على التقاليد الدينية، وترمي إلى إيجاد وطن خاص بالشعب اليهودي، وتسعى بجمع المال لذلك، وبإنماء الشعائر القومية، وبتعليم الناشئة، وبمشترى الأراضي، وبولوج أبواب التجارة والاقتصاد، ونوال الامتيازات الكبرى والصغرى، طبقا لبروغرامها.
ومن البديهي أن الأنسيكلوبيديا بذل واضعوها كل ما في الإمكان لعدم تنبيه العثمانيين لهذه الحركة، ومع كل هذا فقد ظهر لنا فيها ما لو أضفناه إلى ما يبدو من أعمال الجمعيات، ومقاطعة اليهود للعثمانيين وغير ذلك، لكفى بأن يجعلنا نكون على تمام الحذر.
ولقد ذكرنا قول هرتسل في أحد المؤتمرات بأن شرقي أفريقيا ليست فلسطين ولا يمكن أن تكون، وكذلك برد الصدر الأعظم حقي باشا على إسماعيل حقي بك مبعوث كوملجنه؛ إذ قال: إن السير كاسل كان في مصر، ولم يسع بتمليك اليهود فيها، متخذا قوله هذا دليلا على كون السير أرنست كاسل بعيدا عن فكرة اليهود السياسية، كأن اليهود لا يفرقون بين مصر وفلسطين أرض الميعاد.
ثم إن الجمعية التي اهتمت لها حكومة بريطانيا، وجرت المفاوضات بينها وبين حكومات روسيا وإيطاليا والولايات المتحدة لا يمكن أن يقال عنها: خيالية، واعتماد الصدر الأعظم والبعض من رجال السياسة على اهتمام الدول المسيحية بالمحلات المقدسة في القدس غير متين الوضع؛ لأن الإنسان يجب أن يعتمد قبل كل شيء على نفسه في صيانة أملاكه وحقوقه، فضلا عن كون الدول المسيحية ما دامت المحلات المقدسة مصونة سيان عندها كانت البلاد بيد الحكومة العثمانية أو بيد اليهود.
ثم إن هرتسل فطن لهذا الأمر واحتاط له، وخابر الحكومات وقداسة البابا على ما نعتقد بشأنه، وقرر في أحد المؤتمرات حفظ امتيازات محلات المسيحيين المقدسة في فلسطين.
قالت الأنسيكلوبيديا: قلة المال كانت السبب في عدم نجاح هرتسل باقتطاع فلسطين في عهد عبد الحميد؛ فالآن المال أصبح موجودا بكثرة، والشعب اليهودي صار على تمام الاستعداد، فهل تحول الحكومة العثمانية وشعبها دون تحقيق أمانيهم؟ أم نتركهم يعملون غير مبالين، ومعللين أنفسنا بأن حركتهم وهمية، حتى إذا نالوا أمانيهم قمنا نصيح ونحتج شأننا في كل الأمور؟
Unknown page