منذ خمس سنوات كان «إيزولو» قد وعد الرجل الأبيض بإرسال أحد أبنائه إلى الكنيسة، لكنه لم يف بوعده إلا بعد ثلاث سنوات؛ لأنه كان يريد التأكد من أن الرجل الأبيض لم يأت في زيارة قصيرة، ولكن لبناء المنازل والعيش مدة طويلة.
لم يكن «أودوش» في بادئ الأمر يرغب في الذهاب إلى الكنيسة، فدعاه «إيزولو» إلى كوخه، وتعامل معه كرجل يتحدث إلى صديقه العزيز .. فرح «أودوش» وأحس بالفخر الشديد؛ فلم يحدث من قبل أبدا أن سمع أي شخص يتحدث مع «إيزولو» كنظير له، وعندئذ لم يتردد في الذهاب إلى الكنيسة.
قال «إيزولو» لابنه: العالم يتغير من حولنا، وأنا لا أحب ذلك، لكنني أحب طائر «الأوبا» الذي سأله أصدقاؤه عن سبب طيرانه الدائم فأجابهم بأن رجال اليوم تعلموا الرماية دون أن يفقدوا شيئا، وأنه تعلم الطيران دون الركوع .. أريد أن يختلط أحد أبنائي بأولئك الناس ليكون رسولي عندهم .. إذا لم يكن لديهم ما يستحق فسوف تعود، وإذا كان ثمة شيء فسوف تخبرني به .. إن العالم يا بني مثل رقصة القناع، وإذا أردت معرفة العالم جيدا فلا تقف في مكان واحد .. إن إحساسا يتملكني بأن أولئك الذين يرفضون صداقة الرجل الأبيض اليوم سيقبلون غدا.
كانت «أوجوي» قلقة بشأن اختيار ابنها ليكون ضحية للرجل الأبيض.
حاولت كثيرا مع زوجها، لكنه كان عنيفا معها.
قال لها: وما شأنك بما أفعله مع ابني؟ أنت لا ترغبين في انضمام «أودوش» للكنيسة واتباع الأساليب الجديدة .. يجب أن تعلمي أنه في بيت الرجل العظيم يجب أن يكون هناك من يتبع كل أنواع الأساليب الغريبة .. الطيبون والأشرار موجودون في كل مكان، وكذلك الشرفاء واللصوص وصانعو السلام وصانعو الحروب .. مهما كانت الموسيقى التي تعزفينها بطرق الطبول فلا بد من وجود شخص ما يستطيع الرقص عليها.
تعلم «أودوش» بسرعة وبدأ يفكر في اليوم الذي يتحدث فيه بلغة الرجل الأبيض مثل أساتذته، ومثلما يتحدث السيد «مولوكو» مع السيد «هولت» عندما يزور الكنيسة.
كان «بلاكيت» المرسل للتبشير من غرب الهند ذا تأثير كبير على «أودوش»؛ فبالرغم من كونه ملونا إلا أن معرفته كانت تفوق الرجل الأبيض.
قال «أودوش»: لو أنني أعرف القليل جدا مما يعرفه «بلاكيت» لأصبحت رجلا عظيما في «أوموارو».
تقدم «أودوش» تقدما ملحوظا، وكان محبوبا من أستاذه ومن أعضاء الكنيسة، وكان أصغر الذين اهتدوا إلى الدين الجديد. كان في حوالي الخامسة عشرة من عمره، وقد تنبأ له الأستاذ «مولوكو» بمستقبل عظيم، وقبل انتقاله إلى «أوكبيري» كان يعمل على تعميده.
Unknown page