وقال غيره: إنما فعل ذلك لأمور: منها أن يستيقظ لعظمة ما يلقى إليه بعد هذا الصنيع المشق على النفوس كما قال تعالى:؟ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا؟ [المزمل: ٥] ولهذا كان ﵊ إذا جاءه الوحي يحمر وجهه ويغط كما يغط البكر من الإبل ويتفصد جبينه عرقا في اليوم الشديد البرد
وقوله: (فرجع بها رسول الله ﷺ إلى خديجة يرجف فؤاده) وفي رواية: (بوادره): جمع بادرة قال أبو عبيدة: وهي لحمة بن المنكب والعنق. وقال غيره: هي عروق تضطرب عند الفزع
وقوله: (لقد خشيت على نفسي) وذلك لأنه شاهد أمرا لم يعهده قبل ذلك ولا كان في خلده ولهذا قالت خديجة: كلا أبشر والله لا يخزيك الله أبدا. قيل: من الخزي وقيل: من الحزن وهذا لعلمها بما أجرى الله به جميل العوائد في خلقه أن من كان متصفا بصفات الخير لا يخزى في الدنيا ولا في الآخرة
ثم ذكرت له من صفاته الجليلة ما كان من سجاياه الحسنة. فقالت: (إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث) . وقد كان مشهورا بذلك صلوات الله وسلامه عليه عند الموافق والمفارق
[٩١]