152

Ṣaḥīḥ al-athar wa-jamīl al-ʿibar min sīrat khayr al-bashar ﷺ

صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر ﷺ

Publisher

مكتبة روائع المملكة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Publisher Location

جدة

Genres

فبادر بالهجرة إِلى المدينة من حين أذن النبيّ ﷺ، ولكن أمّ سلمة احتبست دونه، ومُنِعَتْ من اللحاق به، وحيل بينها وبين ولدها، ثم خرجت بعد سنةٍ بولدها إِلى المدينة، وشيعها عثمان بن طلحة من مكة إِلى أن رأت بلدة قباء بالمدينة، ثم تركها وعاد إِلى مكة، وذلك قبل إِسلامه فرضي الله عنه (١). ثم خرج الناس أرسالًا يتبعُ بعضهم بعضًا.
هجرة رسول الله ﷺ:
قال الله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾ (٢). قال قتادة: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾، المدينة: ﴿وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾، الهجرة من مكة: ﴿وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾، كتاب الله وفرائضه وحدوده (٣).
لم يبق من المسلمين في مكة إِلَّا رسول الله ﷺ، وأبو بكر، وعليّ رضي الله تعالى عنهما -أقاما بأمره لهما- وخلا من اعتقله المشركون كرها، وقد أعّد أبو بكر ﵁ جهازه وجهاز رسول الله ﷺ منتظرًا؛ حتى يأذن الله ﷿ لرسوله ﷺ في الخروج.
فلمّا رأى المشركون أصحابَ رسول الله قد تجهزوا، وخرجوا، وحملوا وساقوا الذراري والأطفال والأموال إِلى الأوس والخزرج، وعرفوا أنّ الدارَ دارُ مَنَعَة، وأنّ القومَ أهلُ حَلْقة وشوكة وبأس؛ خافوا خروجَ رسولِ الله إِليهم، ولحوقه بهم، فيشتد عليهم أمره، فاجتمعوا في دار الندوة، ولم يتخلفْ أحدٌ من أهل الرأيّ والحِجَا منهم؛ ليتشاوروا في أمره، وحضرهم وليُّهم إِبليسُ في صورة شيخ كبير من أهل نجد (٤)

(١) انظر لتمام القصة: سيرة ابن هشام (١/ ٤٦٩، ٤٧٠).
(٢) سورة الإسراء، آية ٨٠.
(٣) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ١٤٩).
(٤) قال السهيلي في الروض الأنف ٢/ ٢٣٩: إنما جاءهم في صورة رجل من أهل نجد لأنهم قالوا -فيما ذكر أهل السير- لا يدخل معكم في المشاورة أحد من أهل تهامة؛ لأن هواهم مع محمَّد.

1 / 156