130

Ṣaḥīḥ al-athar wa-jamīl al-ʿibar min sīrat khayr al-bashar ﷺ

صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر ﷺ

Publisher

مكتبة روائع المملكة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Publisher Location

جدة

Genres

لقد كان موقف ثقيف شديدًا على النبيّ ﷺ، تأثّر منهم تأثّرًا بالغًا، ولكنه لجأ إِلى الله بذلك الدعاء المأثور، بل إِن أحداثها لم تمحها ما لحقه من المشركين يوم أحد، قالت عائشة: قلت للنبيّ ﷺ: هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من يوم أحد؟ قال: "لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدّ ما لقيتُ منهم يوم العقبة إِذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إِلى ما أردتُ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إِلَّا وأنا بقرن الثعالب (١)، فرفعتُ رأسي، فإِذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإِذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إِنّ الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إِليك ملك الجبال لتأمره بما شئتَ فيهم. فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمَّد، ذلك فيما شئتَ، إِن شئتَ أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبيّ ﷺ: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا" (٢).
إِنّ هذا البلاء الذي تعرّض له النبيّ ﷺ، والذي من أثره أنّه خرج هائمًا على وجهه لا يشعر بما حوله حتى بلغ قرن الثعالب لدليل على علو مكانته عند الله تعالى؛ لأنّ المرء يُبتلى على قدر دينه (٣).

(١) قرن الثعالب: هو قرن المنازل في وادي السيل الكبير، وهو أحد المواقيت للحج والعمرة.
(٢) أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب ذكر الملائكة ح (٣٢٣١) ومسلم في الجهاد، باب ما لقي النبيّ ﷺ من أذى المشركين والمنافقين ح (١٧٩٥) من حديث عائشة ﵂.
(٣) عن سعد بن أبي وقاص، قال: قلت يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على حسب دينه، فإِن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه". أخرجه ابن ماجه في الفتن ح (٤٠٢٣)

1 / 133