116

Ṣaḥīḥ al-athar wa-jamīl al-ʿibar min sīrat khayr al-bashar ﷺ

صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر ﷺ

Publisher

مكتبة روائع المملكة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Publisher Location

جدة

Genres

فقد قيل: إِنّ هذه الآية نزلت في النجاشيّ وأصحابٍ له أسلموا معه (١)، قال الطبري: (إِنّ ذلك كان منهم؛ لأنّ منهم أهل اجتهاد في العبادة، وترهُّب في الديارات والصوامع، وأنّ منهم علماء بكتبهم وأهل تلاوة لها، فهم لا يبعدون من المؤمنين لتواضعهم للحقّ إِذا عرفوه، ولا يستكبرون عن قبوله إِذا تبيّنوه، لأنّهم أهل دين واجتهاد فيه، ونصيحة لأنفسهم في ذات الله، وليسوا كاليهود الذين قد دربوا بقتل الأنبياء والرسل، ومعاندة الله في أمره ونهيه، وتحريف تنزيله الذي أنزله في كتبه) (٢).
وقد صلّى النبيّ ﷺ على النجاشي، ونعاه للصحابة ﵃ يوم موته، فعن جابر ﵁، قال النبيّ ﷺ حين مات النجاشيّ: "مات اليوم رجل صالح، فقوموا فصلّوا على أخيكم أصحمة" (٣).
وعن أبي هريرة ﵁ أنّ رسول الله ﷺ نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إِلى المصلَّى، فصفَّ بهم، وكبَّر عليه أربع تكبيرات (٤).
قال ابن كثير: (وشهود أبي هريرة ﵁ الصلاة على النجاشيّ دليلٌ على أنّه إِنّما مات بعد فتح خيبر، في السنة التي قدم فيها بقيّة المهاجرين إِلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب ﵁، يوم فتح خيبر) (٥).

(١) انظر: تفسير الطبرى (٥/ ٣).
(٢) التفسير (٥/ ٦).
(٣) أخرجه البخاري في المناقب، باب موت النجاشي ح (٣٨٧٧).
(٤) أخرجه البخاري في الجنائز، باب التكبير على الجنازة أربعًا ح (١٣٣٣). قال ابن كثير: (قال بعض العلماء: إِنّما صلّى عليه لأنّه كان يكتم إِيمانه من قومه، فلم يكن عنده يوم مات من يُصلّي عليه ﵀. قالوا: فالغائب إِن كان قد صُلِّي عليه ببلده، لا تُشْرع الصلاة عليه ببلد أخرى، ولهذا لم يُصلّ على النبيّ ﷺ في غير المدينة، لا أهل مكة ولا غيرهم، وهكذا أبو بكر وعمر وعثمان، وغيرهم من الصحابة، لم يُنقل أنّه صُلِّيَ على أحدٍ منهم في غير البلدة التي صُلِّيَ عليه فيها. والله أعلم). انظر لمزيد الفائدة: المغني لأبي قدامة (٣/ ٤٤٦).
(٥) البداية والنهاية (٤/ ١٩٣).

1 / 119