فروحهن يحدوهن قصرا ... كما يَحْدُو قَلائِصَهُ الأجِيرُ١
باب آخر من الإضافة:
ومن ذلك إضافَةُ الشيء إلى نفسه وإلى نعته.
فالإضافة الأولى قول النَّمِر٢:
سقيَّةُ بين أنهارٍ ودُورٍ ... وزَرْعٍ نابٍ وكرُومِ جَفْنِ
والجَفْن هو الكَرْم.
فأمّا إضافته إلى نعته فقولهم: "بارِحةُ الأولى، ويومُ الخَميس، ويوم الجمعة". وفي كتاب الله جلّ ثناؤه: ﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةِ﴾ ٣ و﴿حَقُّ الْيَقِينِ﴾ ٤.
باب جمع شيئين في الابتداء بهما وجمع خَبَريهما، ثم يُرَدَّ إلى كل مبْتَدَأ به خبرُهُ:
من ذلك قول القائل: "إني وإيّاكَ على عَدْل أو على جَوْر" فجَمَعَ شيئين في الابتداء وجمع الخَبَرين. ومراده: إني على عدلٍ وإيَّاكَ على جَوْر، وهذا في كلامهم وأشعارهم كثير، قال امرؤ القيس٥:
كانّ قلوبَ الطَّيْر رَطْبًَا ويابسًا ... لَدى وَكْرِها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي
أراد: كأنّ قلوبَ الطير رَطبًا العنَّاب ويابسًا الحَشفُ. ومن هذا في القرآن:
﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ ٦، معناه: وإنَّا على هدى وإيَّاكم في ضلال، ومنه قوله جل ثناؤه: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ