141

Sahibi

الصاحبي في فقه اللغة

Publisher

محمد علي بيضون

Edition Number

الطبعة الأولى ١٤١٨هـ

Publication Year

١٩٩٧م

باب سنن العرب في حقائق الكلام والمجاز: نقول في معنى الحقيقة والمجاز: إن "الحقيقة" من قولنا: "حَقَّ الشيء" إذا وجب. واشتقاقه من الشيء المحقَّق وهو المُحْكَم، تقول: ثوب محقَّق النَّسْج أي مُحْكَمُه. قال الشاعر: تَسرْبلْ جِلدَ وجهِ أبيك إنّا ... كَفيناكَ المحقَّقَةَ الرِّقاقا١ وهذا جنس من الكلام يُصدِّق بعضُه بعضًا من قولنا: "حَقٌّ وحقيقة. ونصُّ الحِقاق". فالحقيقة: الكلام الموضوع موضِعَه الذي ليس باستعارة ولا تمثيل، ولا تقديم فيه ولا تأخير، كقول القائل: "أحمدُ اللهَ على نِعَمِهِ وإحسانه". وهذا أكثر الكلام. قال الله جلّ ثناؤه: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ ٢ وأكثر ما يأتي من الآي على هذا. ومثله في شعر العرب٣: لَمالُ المرءِ يُصْلحِهُ فيَغْنى ... مفاقِرَه أعَفُ من القُنوعِ وقول الآخر: وفي الشرِّ نَجَاةٌ حِـ ... ـينَ لا يُنْجيكَ إحْسانُ وأمّا "المجاز" فمأخوذ من "جازَ، يَجُوزُ" إذا استنَّ ماضيًا تقول: "جاز بنا فلان. وجازَ علينا فارِس" هذا هو الأصل. ثم تقول: "يجوز أن تفعلَ كذا" أي: يَنْفُذ ولا يُرَدُّ ولا يُمْنَع. وتقول: "عندنا دراهم وَضَح وازِنَة وأخرى تَجُوزُ جَوَازَ الوازِنَة" أي: إن هذه وإن لم تكن وازِنة فهي تجوز "مجازَها" وجوازها لِقْربِها منها. فهذا تأويل قولنا: "مجاز" أي: إن الكلام الحقيقيّ يَمْضي لِسَنَنَهِ لا يُعْتَرض عليه،

١ لسان العرب: مادة "حقق" بلا عزو. والمقاييس: مادة "حق". ٢ سورة البقرة، الآية: ٤. ٣ ديوان الشماخ: ٢٢١.

1 / 149