Ṣafwat al-Tafāsīr
صفوة التفاسير
Publisher
دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Publisher Location
القاهرة
Genres
ثم ذكر تعالى المحرمات بالمصاهرة فقال ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ﴾ أي وكذلك يحرم نكاح أم الزوجة سواء دخل بالزوجة أو لم يدخل لأن مجرد العقد على البنت يحرم الأم ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللاتي فِي حُجُورِكُمْ﴾ أي بنات أزواجكم اللاتي ربيتموهن، وذكرُ الحجر ليس للقيد وإِنما هو للغالب لأن الغالب أنها تكون مع أمها ويتولى الزوج تربيتها وهذا بالإِجماع ﴿مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ الدخول هنا كناية عن الجماع أي من نسائكم اللاتي أدخلتموهن الستر قاله ابن عباس فإِن لم تكونوا أيها المؤمنون قد دخلتم بأمهاتهن وفارقتموهن فلا جناح عليكم في نكاح بناتهن ﴿وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الذين مِنْ أَصْلاَبِكُمْ﴾ أي وحُرِم عليكم نكاح زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم بخلاف من تبنيتموهم فلكم نكاح حلائلهم ﴿وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأختين إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ أي وحُرّم عليكم الجمع بين الأختين معًا في النكاح إِلا ما كان منكم في الجاهلية فقد عفا الله عنه ﴿إِنَّ الله كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ أي غفورًا لما سلف رحيمًا بالعباد ﴿والمحصنات مِنَ النسآء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ﴾ أي وحرّم عليكم نكاح المتزوجات من النساء إِلا ما ملكتموهن بالسبي فيحل لكم وطؤهنَّ بعد الاستبراء ولو كان لهنَّ أزواج في دار الحرب لأن بالسبي تنقطع عصمة الكافر ﴿وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر﴾ [الممتحنة: ١٠] ﴿كِتَابَ الله عَلَيْكُمْ﴾ أي هذا فرض الله عليكم ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذلكم﴾ أي أُحل لكم نجاح ما سواهنّ ﴿أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ أي إِرادة أن تطلبوا النساء بطريق شرعي فتدفعوا لهن المهور حال كونكم متزوجين غير زانين ﴿فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ أي فلما تلذذتم به من النساء بالنكاح فآتوهنَّ مهورهن فريضةً فرضها الله عليكم بقوله ﴿وَآتُواْ النسآء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] ثم قال تعالى ﴿وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الفريضة﴾ أي لا إِثم عليكم فيما أسقطن من المهر برضاهن كقوله ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾ [النساء: ٤] قال ابن كثير: أي إِذا فرضت لها صداقًا فأبرأتك منه أو عن شيء منه فلا جناح عليك ولا عليها في ذلك ﴿إِنَّ الله كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ أي عليمًا بمصالح العباد حكيمًا فيما شرع لهم من الأحكام ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ المحصنات المؤمنات﴾ أي من لم يكن منكم ذا سعة وقدرة أن يتزوج الحرائر والمؤمنات ﴿فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات﴾ أي فله أن ينكح من الإِماء المؤمنات اللاتي يملكهن المؤمنون ﴿والله أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ﴾ جملة معترضة لبيان أنه يكفي في الإِيمان معرفة الظاهر والله يتولى السرائر ﴿بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ﴾ أي إِنكم جميعًا بنو آدم ومن نفسٍ واحدة فلا تستنكفوا من نكاحهن فرب أمة خير من حرة، وفيه تأنيس لهم بنكاح الإِماء فالعبرة بفضل الإِيمان لا بفضل الأحساب والأنساب ﴿فانكحوهن بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ أي تزوجوهن بأمر أسيادهن وموافقة مواليهن ﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بالمعروف﴾ أي ادفعوا لهن مهورهن عن طيب نفسٍ ولا تبخسوهن منه شيئًا استهانة بهن لكونهن إِماء مملوكات ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾ أي عفيفات غير مجاهرات بالزنى ﴿وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ أي ولا متسترات بالزنى مع أخدانهن قال ابن عباس: الخِدنُ هو الصديق للمرأة يزني بها سرًا فنهى الله تعالى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن ﴿فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى
1 / 247