Ṣafwat al-ikhtiyār fī uṣūl al-fiqh
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Genres
وعندنا: أن هذا الإطلاق لا يستمر؛ لأن الظن إنما يقوى بقوة صحة العلة الشرعية سواء رجعت إلى الجنس أو إلى غيره، ولا يمتنع أن يكون الراجع إلى غير الجنس أقوى ثبوتا عند المجتهد فيغلب على ظنه ثبوت حكمها دون الأخرى، فإذا لا تأثير للجنس والشبه كما يعتبر من الصورة اللازمة الجنس قد يعتبر بالحكم الذي لا يلزمه بل اعتبار الحكم أولى لاختصاصه بالشرع، إذ الحكم الشرعي إذا أمكن اعتباره في أمارة ما طريقه الشرع كان اعتباره أولى، فإذا لا تأثير لرده إلى الجنس، فلا يكون برجوع أحدها إلى الجنس والحال هذه مرجحا.
مسألة:[الكلام في أنه لا تتساوى الأمارات عند المجتهد]
اختلف أهل العلم في أنه هل يجوز أن تستوي عند المجتهد الأمارات حتى لا يترجح بعضها على بعض أم لا؟
فمنع من ذلك الشيخ أبو الحسين، وقال: لا بد من ترجيح، وحكى شيخنا رحمه الله تعالى ذلك عن الشيخ أبي الحسين البصري، وأجاز ذلك آخرون، وهو الظاهر من مذهب شيخنا، وهو الذي نختاره.
ثم اختلفوا في الحكم عند الإستواء من قال بجوازه:
فمنهم من قال: تطرح الأمارات المتكافية ويرجع إلى طريق سواها إن وجد وإلا رجع إلى طريقة العقل، وهو قول جماعة من الفقهاء، واختيار السيد أبي طالب عليه السلام، وهو الذي دل عليه ظاهر كلام شيخنا، وهو الذي نختاره.
ومنهم من قال: يكون المجتهد عند تساوي الأمارتين مخيرا في حكميهما وهو قول أبي علي وأبي هاشم والقاضي، وينبغي لنا أن نبدأ بالكلام في جواز التساوي، ثم نتبعه بالكلام في حكم المتساوي.
Page 359