Ṣafwat al-ikhtiyār fī uṣūl al-fiqh
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Genres
مسألة:[الكلام في فحوى الخطاب هل هو قياس أم لا؟]
اختلف أهل العلم في فحوى الخطاب هل هو قياس أم لا؟
فذهب جماعة إلى أنه قياس وذلك هو قول الشيخ أبي الحسين البصري، وكان شيخنا رحمه الله تعالى يذهب إليه، وهو الذي نصره في كتابه الموسوم بالفائق في أصول الفقه.
وذهب جماعة إلى أنه ليس بقياس، وهو قول القاضي والحاكم.
ومثال المسألة: قوله تعالى: {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما} [الإسراء:23]، هل المنع من ضربهما وشتمهما يثبت بالقياس أم لا؟
فعند أبي الحسين ومن طابقة كما قدمنا أن ذلك لا يثبت إلا بقياس الأولى؛ لأنه إذا منع من التأفيف لكونه إذى ينافي التعظيم فلا شك في كون شتمهما وضربهما أبلغ في باب الإستحقاق ومنافاة التعظيم من التأفيف بهما، فإذا منع من الأدون كان المنع من الأعلى في هذا الباب أولى.
وذكر قاضي القضاة أن المنع من ضربهما معقول من ظاهر اللفظ لا من جهة القياس، ولا بد من اعتبار عادة أهل اللغة في ذلك، واختيارنا في هذه المسألة ما ذكره القاضي.
والذي يدل على صحته: أن القياس نوع من الإجتهاد في عرف العلماء، وذلك يفيد كلما لم يحصل العلم به أو الظن إلا باعتبار العلل، ورد الفروع إلى الأصول وملاحظة الأشباه كما قدمنا، ولا يريدون بذلك ما يمكن أن يسلك فيه طريقة القياس؛ لأن ما به أصل من الأصول إلا ويمكننا أن نسلك فيه طريقة القياس كالصلاة والصيام وغيرهما.
فطريقة القياس وإن أمكن استعمالها فيه كان قياسا والعلم بالمنع من ضربهما حاصل لكل عاقل من أهل اللغة العربية سمع النهي عن التأفيف بهما ونهرهما من رد الفرع إلى الأصل واعتبار الشبه والعلة الرابطة بينهما.
وقد كان شيخنا رحمه الله يحكي أن القاضي احتج للمنع من ذلك بأن هذا القبيل لو كان من باب القياس لما علمه إلا من يعلم القياس وسلك طريقته دون من لا يعتبر القياس من نفاة القياس وغيرهم من المهملين، ومعلوم خلافه.
Page 340