235

مسألة:[الكلام في أن الإجماع الحاصل عن اجتهاد حجة]

وإذا حصل الإجماع عن اجتهاد كان حجة يحرم خلافها عند مشائخنا وأكثر الفقهاء؛ وحكى شيخنا رحمه الله تعالى أن ذلك قول قاضي القضاة وأبي الحسين البصري والحاكم أبي سعيد، وقال بعضهم لا يكون حجة.

وحكى قاضي القضاة عن الحاكم صاحب المختصر أنه قال: إذا انعقد الإجماع عن اجتهاد جاز لمن بعدهم أن يخالفهم فيه.

والدليل على صحة المذهب الأول: أن أدلة الإجماع لم تفصل بين إجماع وإجماع، والفصل بغير دلالة لا يجوز لأن مخالفتهم في ذلك تكون اتباعا لغير سبيل المؤمنين، وقد ورد عليه الوعيد فلو جاز لما ورد عليه الوعيد من الله سبحانه.

مسألة:[الكلام في أهل العصر إذا اتفقوا على حكم من الأحكام هل

لمن بعدهم مخالفتهم؟]

إذا اتفق أهل العصر على حكم من الأحكام، فإن لمن بعدهم متابعتهم؛ بل ذلك هو الواجب عليهم، فإن خالفهم بعض أهل الرأي كان مخطئا، وكان خلافه نقضا للإجماع، وخلافا للحق، ويمكن أن يعدل البعض عن الحق.

فأما أتفاق أهل العصر الثاني على مخالفتهم فإن ذلك لا يجوز وقوعه عندنا.

وحكى شيخنا رحمه الله تعالى أن قاضي القضاة حكى عن الشيخ أبي عبدالله أنه قال: إنما لم يجز أن يتفقوا على مخالفتهم لأن أهل العصر الأول أجمعوا على أنه لا يجوز أن يقع الإجماع على مخالفتهم، فلو لم يجمعوا على ذلك لجاز أن يتفق من بعدهم على مخالفتهم، ويكون الإجماع الثاني في حكم الناسخ للأول.

وحكى عن الشيخ أبي علي أنه قال: لو جاز ذلك لجاز أن يخالفهم واحد ثم ينضم إليه ثاني وثالث إلى أن يتفق أهل العصر الثاني على خلافهم، وقوله عز وجل: {ويتبع غير سبيل المؤمنين } [النساء:115]، يمنع من ذلك، وكان شيخنا رحمه الله تعالى يذهب إلى هذه المقالة ويحتج لها.

Page 260