Safwat Ikhtiyar
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Genres
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: العقل والسمع:
أما العقل: فقد تقرر فيه أن الشرائع مصالح، وأنها إذا وردت من قبل الله سبحانه وتعالى بأمر عام للأشخاص والأوقات قضى العقل باستمرار تلك المصلحة إلا أن يرفعها نسخ يعلم به من جهة العقل أيضا تغير تلك المصلحة.
وأما السمع: فقوله سبحانه عقيب ذكره للأنبياء عليهم السلام: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } [الأنعام:90].
ووجه الإستدلال بهذه الآية: أن الإقتداء لا يكون إلا في الشرعيات، فأما العقليات، فالواجب عليه صلوات الله عليه وآله الرجوع إلى قضية العقل والإهتداء بماينتج له فكره الزاكي، ولم يفرض عليه ولا على غيره في العقليات الفزع إلى أحد، فثبت بذلك أنه عليه السلام تعبد بما لم تزل عنه مصلحته من شرائع من قبله.
ودليل آخر: وهو قوله سبحانه وتعالى: {فاحكم بينهم بما أنزل الله} عطفا على قوله: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} [المائدة:48].
ووجه الإستدلال به: أن ظاهره يقتضي وجوب الحكم بكل ما تقدم ذكره مما أنزل الله تعالى عليه، ومما تقدم إنزاله من الكتاب قبله، كما أن قائلا لو قال لغيره: قد كتبت إليك وإلى غيرك بما يشهد به كتابك فاحكم بما كتبت به إليك أفاد ظاهره الأمر بجميع ما كتب إليه وإلى غيره، وهذا يقتضي أن يكون النبي صلى الله عليه وآله متعبدا بما تضمنته الكتب المنزلة قبله مما شهد به كتابه عليه وآله السلام، ولم يثبت نسخه.
Page 239