Safwat Ikhtiyar
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Genres
والثاني: كأن يخبر عدد كثير يستحيل عليهم التواطؤ وافتعال الكذب عن أمر من الأمور مما تنجلي الحال فيه، ولا تدخله طريقة اللبس، فإنا متى فرضنا أن العلم الضروري لا يحصل بخبرهم فإن العلم الإستدلالي حاصل له، ونحو أن يخبر الواحد بحضرة العدد الذين وصفنا حالهم عن مخبر حاله ما وصفنا ويدعي عليهم العلم بذلك والمشاهدة له فيقرونه على ذلك، ولا يقابلون دعواه بإنكار ولا تكذيب إلى غير ذلك.
وأما ما لا يكون طريقا إلى العلم، ويكون موجبا للعمل فله شروط ثلاثة:
أحدها: أن يكون الراوي عدلا ضابطا لما يرويه.
وثانيها: أن يكون الخبر متناولا لأمر من حقه متى صح أن يكون ظاهرا مشهورا.
وثالثها: أن لا يكون معارضا لشيء من الأدلة العقلية والسمعية.
وأما ما لا يوجب العمل: فهو ما لم تتكامل فيه هذه الشروط من أخبار الآحاد، وبيان صحة ما ادعيناه في هذه الأخبار يأتي في أثناء المسائل إن شاء الله تعالى، وهذه الجملة وما ابتنى عليها من التفصيل أورده شيخنا رحمه الله تعالى فأتينا به على ما ذكره.
مسألة:[الكلام في الأخبار هل تكون طريقا إلى العلم أم لا؟]
اختلف الناس في الأخبار هل تكون طريقا إلى العلم أم لا؟
فذهب السمنية(1) وهم فرقة من الملحدة إلى أنها لا تكون طريقا إلى العلم البتة، وأنه لا طريق إلى العلم إلا المشاهدة.
وذهب سائر أهل العلم إلى أن الأخبار طريق إلى العلم، ثم اختلفوا؛
فمنهم من ذهب إلى أن الأخبار المتواترة طريق إلى العلم الضروري، وهو الذي ذهب إليه شيخنا رحمه الله تعالى، وحكاه عن مشائخنا المتكلمين، وهو الذي نختاره.
ومنهم من قال: هو طريق إلى العلم الإستدلالي ولا يحصل إلا بضرب من الإستدلال، ورواه عن البغدادية والشيخ أبي الحسين البصري.
Page 168