156

Safwat Casr

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

Genres

وناهيك بذلك الخطاب البليغ الذي ألقاه في هذا الصدد بنادي رعمسيس أوائل عام 1908م، حيث أبان فيه ضرورة تربية المرأة تربية عالية تؤهل الأمة إلى الرقي والتمدين، وحث الجميع على التبرع لإنشاء الكلية، وفعلا جمعت عقب ذلك التبرعات من الأهالي، ثم أخذت الفكرة تنمو شيئا فشيئا، حتى اختمرت ودفعت الأمة إلى إنجاز المشروع الذي أصبح على وشك التمام. وهو فوق ما تقدم من صفات الإقدام وانتهاز الفرص ميال بطبيعته إلى إزالة الفوارق بين عناصر الأمة، التي يخدمها بولاء وإخلاص؛ لتكون عاطفة الإخاء بينها شديدة تدفعها، وهي متحدة متماسكة إلى الرقي والتمدين، ولا يجد دليلا على ذلك أكثر من خطبه وآرائه العامة.

وفي سبتمبر عام 1912م كوفئ على اجتهاده وجهاده بالرتبة الثانية، بناء على طلب دولة الأمير أحمد فؤاد باشا رئيس إدارة الجامعة المصرية (جلالة الملك فؤاد الأول ملك مصر)، فجاء هذا الإنعام شهادة صريحة على فضل المترجم ونبوغه، وعلى تقدير الأمة وحكومتها لما يؤديه لها من الخدم وجلائل الأعمال.

وفي عام 1914م انتخب وكيلا لنقابة المحامين، ثم نقيبا لها بإجماع الآراء، وجدد انتخابه نقيبا أربع سنوات متواليات مما لم يحدث في بلد من بلاد العالم، ولم يسبق له مثيل.

وكان عضوا عاملا في مجلس إدارة الجامعة المصرية، وأستاذا بها ومديرا لها استمر يعمل على ما فيه ترقيتها، ومصلحة العلم حتى سنة 1921م، إذ قدم استقالته منها، عندما رأى أن روح الحزبية بدأت تدب في مجلس إدارتها، وقد منحه مجلس إدارتها لقب أستاذ شرف وهو لقب دائم.

وهو عضو عامل في جمعية التوفيق ورئيس لجنة إدارة مدارسها يعمل على ما فيه ترقية مدارسها، والسير بها إلى طريق التقدم ومنفعة العلم.

وقد عرضت عليه الوزارة مرارا، ولكن أبت وطنيته أن يقبلها؛ لأن مصلحة البلاد تقضي برفضها فرفضها.

جهاده في سبيل الوطن

ولا يمكن لمصري أن ينكر فضل جهاد حضرة صاحب الترجمة ومواقفه المشهورة، وكيف تحمل النكبات والشدائد والسجن أشهرا عديدة في سبيل دفاعه الشريف عن حقوق البلاد، وقد وصف حضرته كل ما حاق به وبإخوانه في خطبته الرنانة، التي ألقاها بدائرة محرم بك بالإسكندرية عقب الإفراج عنه إذ قال:

في صباح يوم 23 ديسمبر سنة 1921 اصطف عدد عظيم من الجنود الإنجليزية، ومن حولهم الأوتوموبيلات المسلحة والغير مسلحة، واقتحموا بيت الأمة دار صاحب الدولة سعد زغلول باشا وكيل الأمة المصرية؛ ليقبضوا على دولته؛ وليبعثوا به إلى المنفى الذي عين له، ذلك المنفى الذي أرادت الوزارة الثروتية أن تقذف إليه به هو وإخوانه، وفي الوقت نفسه قبضوا على باقي أعضاء الوفد بالطريقة عينها، وقد كان صدور الأمر بالقبض في مساء ذلك اليوم. أمر سعد باشا بأن يمتنع عن الدفاع عن الأمة المصرية، وكلكم تعلمون جوابه التاريخي بأنه سيقوم بأداء الدفاع عن الأمة وأن للقوة أن تفعل به ما تشاء.

وفي فجر يوم 24 يوليو سنة 1922 في الساعة السادسة صباحا أحاط العساكر الإنجليز، وكانوا نحو ثلاثين بكل منزل من منازل أعضاء الوفد السبعة ومن حولهم الأتومبيلات، بل حصل أمر بإبدال الأتوموبيلات لأعضاء الوفد بالأتوموبيلات المسلحة، وكان ذلك أمام منزل حمد باشا الباسل، فجاءوا به في أتوموبيل مسلحة معدة لحمل العساكر، ولم يحمل في أوتوموبيل ضباط كما حمل الأعضاء الآخرون، وسيقوا إلى المحاكمة وكان كل دفاعهم محصورا في كلمة واحدة هي أن قالوا للإنجليز: «لكم أن تحكموا علينا وليس لكم أن تحاكمونا.

Unknown page