ودهم، وثقة مؤاخاتهم، فتجوز لهم بذلك رعية الإخوان، وتصطفى لهم سلامة الصدور، وتجتنى لهم ثمرة القلوب، ولقد لزمت من الوفاء والكرم فيما بينك، وبين الناس طريقة محمودة نسبت إلي مرتبها ف الفضل، وجمل بها ثناؤك في الذكر، وشهد لك بها لسان الصدق، فعرفت بمناقبها، ووسمت بمحاسنها، وأسرع إليك الإخوان بمحبتهم مستبقين، وبرغبتهم فيك متقاطرين، يبتدرون ودك، ويصلون حبلك، فمن أثبت الله عندك ودًا فقد وضع خلته عندك موضع الحرز والثقة، وملأ به يديه من أخي وفاء وصلة، واستنام بك إلى شعب مأمون، وعهد محفوظ، وصار مغمورًا بفضلك عليه في الود، يتعاطى من مكافأتك ما لا يستطيع، ويتطلب منه ما لا يلحق، ولو كنت لا تؤاخي إلا من كان في وزنك، وبلغ من الخلال مبلغ حدك، ولا آخيت أحدًا، ولكنت من الإخوان صفرًا، وقد رأيت أآخذ بنصيبي من ودك، وأصل وثيقة حبلي بحبلك، وعملت أن تركي ذلك غبن، وإضاعتي إياه جهل.
وله: غير أني إن كنت مقصر القوة، فلست بمقصر النية، وإن كنت مقصر الرأي، فلست بمقصر الرغبة.
وله أيضًا: أما بعد فإن خير الإخوان من عظم حلمه، وحسن لظفه، وشرهم من عجلت بادرته، وساءت مقالته، وقد عرفنا فضلك، وعدنا إلى موافقتك، فصل الأول من طولك، بالآخر من مراجعتك.
وله: لا تكن كمن يرى الحسن من نفسه، ويتغابى عن الجميل من غيره، وإني المأمون اليوم في إخائه، المداوم لمن عاهد بوفائه، والغالب على الأكثر ملق النطق، والتلافي بالظنون.