al-Saʿadat wa-l-isʿad fi al-sirat al-insaniyyat
السعادة والاسعاد في السيرة الانسانية
Publication Year
1957 / 1958
Genres
قال أفلاطن التربية على الأدب قسمان أحدهما القسم الخداع والآخر النوع الجدي قال والإبتداء من النوع الخداع لأن الصبيان لا يحتملون الجد ما داموا صغارا لضعف عقولهم وذلك لأن الضعيف العقل لا يرغب في الجد لأنه لا يعرف قيمته وأقول التربية على الأدب وكذلك التأديب يكون بوجهين أحدهما بالقول والآخر بالفعل وكل واحد من هذين يكون بوجهين أحدهما أن يحملوا على الفعل وعلى القول حتى يقولوا و حتى يفعلوا والآخر أن يقال ليسمعوا أو يفعل ليبصروا حتى يتأدبوا وأقول أيضا التربية على الأدب تكون بوجهين أحدهما ما ينبغي أن يؤخذ به الصبي والآخر ما ينبغي أن يؤخذ به غيره وذلك مثل أن يأخذ الدايات والحواضن في التخويفهم وفي أن يجنبوهم بسمع الأشياء القبيحة ورؤية الأشياء القبيحة ومثل ما يؤخذ الصناع في أن لا يفعلوا الأشياء القبيحة لكن الحسنة
القول في تربية الصبيان على الأدب بالنوع الخداع
قد قلنا إن ابتداء التربية على الأدب إنما تكون من المخادعة وذلك بأن يصور الجد في صورة الهزل أن يتفق الصدق في صيغة الكذب قال أفلاطن وذلك بأن يصاغ لهم ألغاز يكون حشوها الأدب وظاهرها الكذب قال ومن جنس الألغاز الأشعار التي تمدح الفضيلة والعفة لا المجون واللذة قال وينبغي أن يؤخذ الأمهات والحواضن بأن يحرفوهم بها ولا يحرفونهم بغيرها قال وينبغي أن تكون العناية بتسوية أنفسهم بالألغاز أشد من العناية بتسوية أبدانهم بالقمط قال ولذلك نقول بأن الإبتداء إنما هو من الموسيقى الكاذب قال وأما اللعب فينبغي أن يجعل فيما يثمر الجد كاللعب بالكرة والثقافة
القول في تربية الصبيان على الأدب بالنوع الجدي
قال أفلاطن ابتداء الأمر من النظافة ومن أن يحملوهم على ألف الأشياء الحسنة وعلى النفار والبغض للأشياء السمجة وذلك بأن تصان أبصارهم وأسماعهم من القبيح والذميم وأن يبذر في أنفسهم الحسن والجميل قال فينبغي أن يحملوهم على النظافة في البدن واللباس وفي كل شيء حتى في تقصيص الشعر قال وينبغي أن يجنبوهم المواضع الذي يجري فيها المري والخنى وأن يصونوا أعينهم من الصور القبيحة ومن الأشكال الرديئة فإن الرديء من كل شيء يولد الرداءة والحسن من كل شيء يولد الحسن قال وينبغي أن يجري على أسماعهم وعلى أبصارهم الأقاويل الحسنة والأفعال الفاضلة والصور الأنيقة والأشكال الحسنة قال ولهذا نقول بأنه ينبغي للسائس أن يمنع الصناع والمصورين من أن يتخذوا آنية أو شيئا بشكل رديء أو يصوروا على شيء صورة سمجة قال وينبغي للسائس أن يخرج من البلد من لم يمتنع من فعل القبيح قال وإنهم إذا أحبوا الحسن والنافع وأبغضوا الذميم والضار يسهل علينا دعوتهم إلى فعل الحسن والنافع وإلى ترك القبيح والضار قال وتهون عليهم الإجابة قال فقد يجب لهذا أن نمدح الفضائل بحضرتهم وأن نزينها في نفوسهم وخاصة الصدق والوفاء وحسن الطاعة للأكابر والعفة والشجاعة والعدل والحكمة قال ويجب أن نذم الرذائل والشره والخيانة والجبن والجهل وأولاها بالتهجين الإستعصاء على الأكابر فإن هذا أسمج الرذائل وأقبحها وأضرها وذلك أن الخير كله إنما هو في حسن الطاعة للسنن وللسياسة والشر كله والضرركله إنما هو من الإستعصاء على السنن وعلى السياسة قال أفلاطن وأقول إن الصلاح كله إنما هو في محبة الحسن والنافع وفي بغض القبيح والضار فإن الذي يحب الحسن والنافع ويتوق إلى أن يكتسبهما والذي يبغض القبيح والضار يهرب من الوقوع فيهما
أدب كبير وهو في اكتسابهم الحياء
قال أفلاطن وينبغي أن يحملوهم على الحياء وذلك بأن يصور في أنفسهم سماجة الرذائل ومهانة من يكسبها وبأن يعظموا حرمة الأكابر والأفاضل في نفوسهم قال وأقول الذي يحدث الظفر شيئان أحدهما الخوف من الأصدقاء وهو الحياء والآخر الجرأة على الأعداء وهو الشجاعة
أدب كبير يجب أن يؤخذوا به
قال وينبغي أن يمنعوا من أقران السوء وأن يحفظوا من أن يقع أعينهم .....فإن الشبيه مائل إلى الشبيه وكل يجر إلى مثل حاله ويفعل فيه وإن لم يعرف المنفعل ذلك ولم يختبر به قال أبة الحسن وقد أحسن الشاعر في قوله وكل قرين إلى شكله
كأنس الخنافس بالعقرب ترى الطفل يفهم عن قرنه
كفهم الفصيح عن المعرب
Unknown page