فيقول: «قلت لك.. أيوه.. ألا تسمعين؟»
فتقول: «والمازني؟.. هل أخذته معك؟..».
فيقول: «أوه.. طول الليل وأنا أقرأ كتابه.. وهل أستطيع أن اعمل دون أن أقرأه؟.. أتظنينني مغفلا؟ أم تحسبين أني حديث عهد بالفن؟»
فتقول: «لا.. إنما أردت أن أطمئن.. وأسمع.. امش بحساب.. والبس القفاز قبل أن تلمس أي باب أو مفتاح أو حائط.. حاذر!»
فيقول: «اطمئني.. كل شيء على ما يرام.. ومعي المازني فلا تخافي ولا تقلقي».
ويلمس صدره حيث وضع الكتاب تحت ثوبه. •••
ولكل قاعدة شذوذ واستثناء. وقد حدث منذ بضعة أيام ما كاد يغريني بتغيير رأيي في طبقات القراء الذين يحبونني ويؤثرونني على من عداي من كتاب هذا الزمان. ذلك أني كنت مدعوا إلى مأدبة عشاء فاتفق أن أجلسوني إلى جانب سيدة عجوز شمطاء، ودار الكلام على الأكل وكان بعض الذين يخاطبونني يدعونني: (الأستاذ) والبعض يؤثر أن يرفعني درجة فيقول: (يا بك) ولكنه لم يدعني باسمي أحد كأنه عيب لا يليق أن يذكر ولاسيما على مسمع من السيدات.
ثم التفتت إلي العجوز وقالت: «إني سعيدة».
فقلت باختصار: «أهنئك».
فألحت في صرفي عن جارتي الأخرى، وكانت فتاة هيفاء نضير الحسن وصوتها كالتغريد. «صحيح.. سعيدة جدا.. كل كتبك قرأناها».
Unknown page