96

Sabi Fi Wajh Qamr

الصبي في وجه القمر: رحلة استكشاف أب لحياة ابنه المعاق

Genres

هناك بطل آخر من أمثال لو كاردينال، وهو جاك دو بوربون-بوسيه - الدبلوماسي الفرنسي ورئيس الأكاديمية الفرنسية الذي ابتعد عن السياسة ليصبح كاتبا - عبر عن ذلك بوضوح بقوله: «عدو الحب الاعتزاز بالذات.» ودو بوربون-بوسيه كان صديقا لشارل ديجول، كما كان جورج فانيه، والد جان فانيه، وكان كلا الرجلين على علم بأمر ابنة ديجول المعاقة آن، التي ولدت وهي مصابة بمتلازمة داون. وكان معروفا عن ديجول أنه رجل متحفظ، فيما عدا تعامله مع آن. وقد ماتت آن عام 1948 في سن العشرين. وبعد جنازتها، واسى الرئيس زوجته وهما يغادران بعيدا عن قبر آن قائلا: «الآن، هي مثل الآخرين.» وكان ديجول يحمل صورة آن أينما ذهب بعد ذلك، حتى إنه ادعى أن الرصاصة التي أطلقت عليه في محاولة الاغتيال الفاشلة عام 1962 أوقفها إطار الصورة، التي كانت مسندة في ذلك اليوم بالمصادفة على رف النافذة الخلفية لسيارته. وبعد عشرين سنة، دفن ديجول بجوار ابنته، وهو أمر أجده مثيرا للحزن بدرجة كبيرة.

على الرغم من أن كلمة «محزن» ليست الكلمة المناسبة، أو ليست كافية، فهي تعبر ولو على نحو بسيط عن شعوري تجاه الأمر؛ فكرة رغبته المتواصلة غير المتبادلة في الوصول إليها، والتي تحققت بشكل محتوم في النهاية: الشكل الكئيب والهزيل لوحدتنا وتوقنا الإنساني وقد كشفت عنه طفلته الضعيفة.

تعلمت كل هذا، من خلال جيل لو كاردينال، وجان فانيه، ومن جوهر ووكر.

لذا ربما تسامحني لأني اعتقدت، في يوم ما، أن لوجود ووكر هدفا في مشروعنا التطوري، وأنه شيء أكبر من محاولة فاشلة للطفرة والتنوع، ولأني فكرت - على ما يبدو أنه بلا جدوى - أنه إذا لاحظنا ونسخنا و«انتخبنا» نموذجه، فقد يكون خطوة (صغيرة جدا) نحو «تطور» أخلاقي مرن وأكثر تنوعا في أفراد قليلين من الجنس البشري، وقد يكون الهدف من وجود المعاقين عقليا مثل ووكر أن يحررونا من العقم الصارخ لنظرية البقاء للأصلح.

الفصل الثالث عشر

من دفتري، في 8 ديسمبر عام 1999، حين كان ووكر في الثالثة:

نحن في فندق نادي اليخوت، أحد منتجعات ديزني، هنا في عالم ديزني، كون ديزني. جئنا لرعاية جيك زوج أم جوانا، وأمها جوان، وكان هنا أيضا أختها وأخوها وأزواجهما وأطفالهم.

حدث الكثير، بل الكثير جدا من الأشياء الغريبة. أولا ووكر يعاني من آلامه فيضرب رأسه باستمرار ويصرخ، ويخرج من أنفه مخاطا كثيرا، ويتصرف على نحو غير طبيعي؛ يتألم باستمرار والسبب غير معروف. وظننت أن هذا بسبب ألم في الأسنان أو تنبيه مفرط، وأخشى - صحيح أن هذا بلا دليل، ولكنه مقنع على أي حال - أنه يؤذي نفسه عن قصد، وأنه يدرك أن هناك مشكلة ما لديه.

ثم يأتي أمر جيك، الآخذ في الاحتضار ببطء بسبب سرطان العظام؛ الأمر محزن للغاية، ولكن لا أحد يذكر الأمر. ولديه دراجة بخارية صغيرة يتنقل بها هنا وهناك، وينضم إليه الأطفال، وأحيانا ننضم إليه بعد قليل من الشراب.

ثم يأتي بالطبع عالم ديزني نفسه، الواحة الأمريكية العظيمة للتجانس. أتعجب كيف سيرى علماء الآثار عالم ديزني بعد آلاف السنين من الآن؛ هل بوصفه مزارا دينيا؟ أتصور ذلك، بل أنا متأكد جدا من ذلك. تتسلل الأنغام بمدينة ديزني من بين الشجيرات، مما يجعلني أثب من السعادة. وقد صدرت تعليمات للموظفين أن يعاملوا الضيوف بلطف، وأن تكون أولويتهم الاهتمام بهم، أيا كان الأمر، حتى إن العمال الذين يصلحون شبكة التبريد والتكييف في مداخل الفندق، الذين غطوا الممرات الكثيرة جدا المفروشة بالسجاد بغطاء واق من نوع رجراب، وهو نوع بلاستيكي محكم مانع للأتربة؛ يوقفون كلهم عملهم ويقولون لنا: «مرحبا! كيف حالكما اليوم؟» بينما أنا وووكر نسير متجولين في ردهة الفندق. يجعلني هذا أتوق إلى من يفيقني من هذا الحلم ويرجعني إلى الحقيقة.

Unknown page