78

Sabi Fi Wajh Qamr

الصبي في وجه القمر: رحلة استكشاف أب لحياة ابنه المعاق

Genres

تمتم شخص ما قائلا: «تعم... تعم... تعميد المسيح؟»

قال الكاهن: «مرحى!» تصفيق كبير، واستحسان التصفيق بتصفيق أكبر.

بدأت الفرقة - عازفا جيتار وطبال - في العزف، مصحوبة بجوقة منتظمة من السعال والتنحنح؛ وكأنما يجري هذا القداس في عنبر مرضى السل. نظرت امرأة كانت أمامي - كانت قصيرة ومنحنية في الستينيات من عمرها، وفمها كان مفتوحا بشكل دائم - إلى رابطة عنقي وشهقت بصوت عال، وأقبل علي رجل آخر وقال: «أنا أصلي من أجلك.» يجب أن أعترف أنني شعرت بأنني سأطلب المساعدة. سأل باللغة الفرنسية، مستدركا: «ما اسمك؟» مدت صاحبة الشهقة العالية المعجبة برابطة عنقي يدها وأمسكت بيدي، ولم تكن تريد تركها. كل ما كنت أخشاه باختصار هو الجراثيم. وقد أراد هذان الشخصان أن يكونا صديقين لي.

أمامي، وضع الرجل الذي كان يرتدي قميص الهوكي (والذي علمت بعد ذلك أن اسمه ريكي) ذراعه حول ريتشارد، وهو رجل أكبر منه في السن، وأكثر صلعا منه، كان يقف بجواره. وكان ريتشارد يرتدي سترة سوداء وقميصا ذا مربعات ورباطا سميكا من المطاط الأسود لحمل نظارته. مال ريكي على صديقه بشدة، وهمس بشيء في أذنه، فتنهد الرجل الكبير ثم قال: «أوووه! وأنا أحبك أيضا.»

كان هناك سبعة من المساعدين في مؤسسة لآرش في الجمع، واحد لكل نزيلين، وكان يبدو هذا كافيا. وجهت إحدى المساعدات - التي كانت تنتمي إلى سكان كندا الأصليين، وكانت في العشرينيات من عمرها - وجهها مقابل وجه رجل مصاب بمتلازمة داون بجوارها، ولمست جبهته بإصبعها. ومن حين لآخر، كان يتعرف مضيفي، جان لوي مان، على شخص ما في الجمع ويكزني بمرفقه كي أنتبه إليه، ثم يعرفني بحالة هذا الشخص. قال مومئا برأسه لرجل طويل وهادئ يرتدي قميصا أخضر: «حين وصل إلى هنا منذ 20 عاما، كان عصبيا جدا لدرجة أن يديه كانتا دائما مقبوضتين.» والآن كان يبدو الرجل سعيدا بالتخلص من مشاعر القلق التي كانت تنتابه، مع قيامه بلعق شفتيه من آن لآخر.

انتهى القداس فجأة، وبدأ الناس يلبسون قبعاتهم، التي كانت عبارة عن مجموعة مذهلة من أغطية الرأس الكندية الكلاسيكية؛ قبعات لها مقدمات كبيرة وأغطية للأذن مثل دلايات إطارات وأغطية محركات السيارات، قزمت من حجم رءوسهم.

تقدم ريكي نحوي وذراعه في ذراع ريتشارد؛ كان ريتشارد يحدث صوت فرقعة بشفتيه. قال ريكي لي: «هذا ريتشارد، كان معي في «مركز الإيواء» الذي كنت فيه، وكنا ننام معا.» كان يقصد في الغرفة نفسها في فرع مؤسسة لآرش الذي كانا يعيشان فيه، وتطلق لآرش على مقراتها «مراكز إيواء»

foyers ؛ المقابل الإنجليزي مأخوذ من كلمة فرنسية تعني المكان الدافئ المحيط بمدفأة.

كان الأمر يشبه مشهدا في إحدى روايات بلزاك أو حتى هوجو، مع وجود شخصياتهم الغريبة التي لا تنسى، في كل مكان. في أول مرة في حياتي أكون فيها محاطا بكبار السن من المعاقين عقليا الذين قد قابلتهم لتوي، أدركت فجأة أنني لم أكن قلقا. ***

عادت مشاعر القلق إلي عندما قادني جان لوي عبر شوارع فيردان، في جنوب مونتريال؛ فقد دعينا إلى العشاء في أحد المقرات الخمسة، التي كانت تخصصه مؤسسة لآرش للمعاقين في المنطقة. فقد تعرضت المدينة لعاصفة جليدية عنيفة في اليوم السابق، وفي المساء كانت الشوارع مليئة بالناس الذين يزيلون الجليد من ممرات سياراتهم الخاصة، ولم أكن أعلم إلى أين نحن ذاهبون، وماذا أتوقع، وما المتوقع مني. وفي النهاية توقفنا أمام منزل جميل مكون من طابقين، وحيانا جيمي ديفيدسون عند الباب؛ وهو رجل قصير وممتلئ الجسم وشعره أحمر ومصاب بمتلازمة داون. كان يلبس بيجامة - بنطلون البيجامة مصنوع من قماش الفلانيلة، ولونه أزرق عليه صور باور رينجرز، وتي شيرت يتماشى معه - وشبشبا. قال جيمي: «أشعر بالاسترخاء التام.» ثم صافحني، وكان عمره 45 عاما.

Unknown page