77

Sabi Fi Wajh Qamr

الصبي في وجه القمر: رحلة استكشاف أب لحياة ابنه المعاق

Genres

تسارعت هذه الأفكار في ذهني مثل السيارة الجيب التي تدور في حقل ألغام.

الحقيقة أنه حتى مع تقديم أفضل رعاية خارجية متوافرة لووكر كان القلق يتملكني. صحيح أن دار الرعاية التي يقيم بها كانت وما زالت الأفضل من نوعها، ولكن ماذا سيحدث إذا توقف تمويلها؟ وهل هي أفضل الأماكن المتوافرة لووكر؟ وحقيقة أن لووكر مكانا آخر يقدم له الرعاية بطرق لا نقدر عليها لم يمنعني عن الرغبة في تحسينه (وهذا على الرغم من أنني كنت حذرا حتى من ذكر تلك الحقيقة، خشية أن يفقد بأي شكل من الأشكال ما يتلقاه من رعاية؛ وهو نوع جديد من القلق يصيب كل أب له ابن معاق يحصل على رعاية). تدير دار الرعاية التي يعيش فيها ووكر منظمة تقدم رعاية متخصصة للمعاقين بمستوى احترافي كامل. ولكن كيف يمكن أن تتحول تلك الدار إلى بيت عائلة أيضا؛ مكان مليء بالتعاطف حيث الناس متسامحون بلا حدود، إذا استخدمنا تعبير الأم تريزا؟ لووكر مكان يجد الرعاية فيه، لكن هل هم يمثلون أسرة له أيضا؟ وهل المكان الذي يجد فيه الرعاية بعد موتنا سيكون أيضا مثل بيته، يسكنه مجموعة من الأصدقاء ويسير وفق الحياة الداخلية الجماعية لسكانه؟

كان هذا هو نوع الأماكن الذي كنت أريد أن يعيش فيه ووكر، كان هناك مجموعة من أصحاب الفكر المتطور في كولومبيا البريطانية منضوين تحت لواء ما يطلق عليه «مبادرة الدعم المنظم مدى الحياة»، التي طورت شبكات من جهات الاتصال والأصدقاء حول تجمعات المعاقين. لكن كانت هذه الفكرة جديدة وبعيدة، وكانت تتطلب - من وجهة نظري - معركة من أجل الحصول على تمويل، لا أدري كيف كانوا سيحصلون عليه. عودة إلى موضوعنا، كان علي أن أواجه شعوري بالقلق؛ فقد وجدت أنه من الصعب أن أجد مكانا يعمل على رعاية ابني ويكون كأسرة بالنسبة إليه.

ولكن في ربيع عام 2008، بعدما نشرت خبرا عن ووكر، تلقيت خطابا من رجل اسمه جان لوي مان، وكان يعمل مدير الاتصالات للفرع الكندي للمؤسسة الدولية «لآرش»، التي توجد في فرنسا وتدير سلسلة مكونة من 135 مجتمعا لرعاية المعاقين عقليا، والتي كانت تمتد من تورونتو إلى الكويت. لم يكن الانضمام إلى أحد تلك المجتمعات أحد الخيارات المتاحة لووكر؛ فقائمة الانتظار كانت تمتد إلى عشرين سنة، وكان يتم قبول البالغين فقط، بيد أن مان أراد أن أزوره في مونتريال، وهناك في قاعة كنيسة سابقة في فيردان، وهي مجتمع ينتمي إلى الطبقة العاملة في الحد الجنوبي للمدينة، رأيت لأول مرة في حياتي نموذجا للمجتمع الخيالي الذي كنت أبحث عنه، في هذا المجتمع كنت «أنا» الغريب. ***

كانت قاعة الكنيسة هي المركز الإداري لفرع مؤسسة لآرش في فيردان، وقد أنشأ مؤسسة لآرش جان فانيه، ابن جورج فانيه الدبلوماسي الكندي الشهير، في منزله في فرنسا عام 1964. كان جان، الذي ظل طوال حياته يدرس الفلسفة وعلم اللاهوت الكاثوليكي، لا يزال يعيش في قرية ترولي-برويل، حيث كان يتناول طعام الغداء في معظم الأيام مع أصدقائه المعاقين.

كان ذلك في فرنسا. وفي مونتريال، كان يقام القداس في قبو قاعة الكنيسة حين وصلت. تأسست مؤسسة لآرش على التعاليم الكاثوليكية (كان هذا سببا آخر لرفضي لها كمكان لرعاية ووكر، على الرغم من أن المؤسسة قد وسعت من أسسها الروحية منذ ذلك الحين). لكن القداس الذي كان مقاما في قبو الكنيسة كان شيئا لم آلفه على الإطلاق؛ كان يبدو أشبه بتجمع قروي، مقام في حانة حول طعام وحوله صخب، ويتخلل ذلك قداس للكنيسة من أجل الترفيه.

يقع المذبح في ركن يتقابل فيه الدرج مع الجدار، وتبدو حجرة الاجتماعات بالكنيسة عبارة عن مساحة محاطة بفواصل مكتبية. كان يدير القداس بطريقة غير معهودة تماما كاهن طويل أسود يرتدي رداء كهنوتيا أبيض ووشاحا ملونا، ولم تكن تبدو للقداس بداية أو نهاية محددة، وكان الكاهن في حديثه يجمع بين اللغتين الفرنسية والإنجليزية، ويتحدث عن المسيح وأتباعه، ومن حين لآخر كان يسأل سؤالا، ويجيب عنه أحد الحاضرين.

قال الكاهن: «لماذا نقول: إن المسيح راع؟» «للمسيح أتباع يتبعونه، مثل الغنم، هل ما أقوله صحيح؟» كان هذا هو رد رجل في الثلاثينيات من عمره كان يقف في الخلف في جماعة المصلين، وكان يرتدي قميصا أسود خاصا بلعبة الهوكي، وعليه كلمة «كندا» مكتوبة في الخلف باللون الأحمر. وبعد رده، سمعت نكات عديدة حول الغنم.

بلغ عدد الحاضرين في ركن قبو الكنيسة 21 فردا، كلهم من البالغين، وكان من الواضح أن معظمهم من المعاقين، والتف حولي ثلاثة منهم لمعرفة من أنا حين دخلت؛ وسارع اثنان منهم إلى مصافحتي أو مسك يدي، ولم أكن أدري ماذا كانوا ينتظرون أن أكون.

سأل الكاهن: «في أي مناسبة أخرى، سمعنا هذه الكلمات، عن كون المسيح راعيا؟»

Unknown page