Sabi Fi Wajh Qamr
الصبي في وجه القمر: رحلة استكشاف أب لحياة ابنه المعاق
Genres
وماذا عن عقل ووكر؟ هو غير قابل للإصلاح، من وجهة نظر علم الوراثة. قال ماكينيس: «يحتوي المخ على 20 مليار خلية عصبية، وتجري كل خلية عصبية ألف اتصال، ويتصل بها عشرة آلاف خلية أخرى، ومن غير المحتمل أن نفهم المخ على مستوى الخلايا العصبية الفردية، وربما سيتعين علينا النظر إليه بطريقة علماء الفيزياء الفلكية عند محاولتهم فهم مليار نجم.»
أجد هذا مريحا على نحو غريب. أرجع بظهري للوراء متكئا على شيء، وأحملق في الومضات العشوائية لعقل ووكر وأتأمل.
أواصل الحديث إلى الفضاء الأسود الذي به نقط بيضاء، أواصل الحديث إلى ووكر. وبالطبع ليس ووكر وحده من بحاجة إلى مواصلة السماع إلي وأنا أتكلم، فأنا الذي يحتاج إلى مواصلة الحديث إلى ووكر، وأخشى مما سيحدث إذا توقفت عن ذلك. ***
كما اتضح فيما بعد، حاولت مرة أخيرة استكشاف عقله، فتقدمت لعمل أشعة رنين مغناطيسي على مخه، وهي صورة عميقة لمخه، وبعد ستة أشهر طلبوا منا الحضور الساعة الثامنة صباحا إلى قسم الرنين المغناطيسي في مستشفى الأطفال المرضى بتورونتو، المكان المألوف لنا. يقع قسم الرنين المغناطيسي في القبو الواسع للمستشفى، في نهاية ردهة طويلة جدا، وكان لون الحوائط بيج أو أصفر أو أزرق فاتحا، مثل حوائط جميع المستشفيات.
كنت أنا وووكر أول الحاضرين، وبحلول الساعة الحادية عشرة والنصف، أي بعد ثلاث ساعات ونصف، كنا لا نزال بانتظار الطبيب. في الأحوال العادية يشعر المرء بالسخط حين ينتظر الطبيب لمدة ثلاث ساعات ونصف مع أن الموعد محدد سلفا، وذلك حتى إن كان لديه طفل طبيعي. لكن ثلاث ساعات ونصف من الصراخ الحاد والضرب لطفل معاق تجربة تجعل الآباء يصيحون في وجه موظفي الاستقبال، ولكن لم يصل هذا الفهم بعد إلى عقول مسئولي المستشفيات، حتى أفضل مستشفى أطفال في البلاد.
في النهاية حضرت طبيبة تخدير شابة كانت ترتدي اللباس الطبي الأزرق الملكي المعتاد، وأبلغتني أنها تريد تقريرا حديثا من طبيب القلب الذي يعالج ووكر قبل إجراء التخدير العام المطلوب له لإجراء أشعة الرنين المغناطيسي.
قلت بداهة: «لم يطلب أحد مني ذلك. وعلى أي حال، اختفت نفخة قلبه منذ سنوات، وهي غير موجودة فعليا.»
قالت: «ما زلت أحتاج إلى تقرير حديث.» «ولكنه كان هنا منذ شهر لتنظيف أسنانه، وقاموا بتخديره في ذلك الوقت؛ بإمكانك البحث عن ذلك في سجله.» «هذا غير كاف.» «بإمكانك الاتصال بطبيب الأسنان، فهو طبيب هنا في المستشفى، وأنا متأكد أنه سيوضح الأمر.» «لا أستطيع الاتصال بطبيب الأسنان.»
لذا ذهبنا إلى البيت، وانتظرنا خمسة أو ستة أو سبعة أسابيع لتحديد موعد آخر لإجراء أشعة الرنين المغناطيسي، وفي هذه الأثناء حصلت على نسخة من استمارة موجودة بالفعل في ملفه، وهي استمارة دون فيها طبيب القلب كل ما كنت أعرفه بالفعل، ويعرفه كل طبيب آخر أيضا، أن نفخة قلب ووكر لا تأثير لها، وحينئذ توصلت إلى نتيجة مفادها أن طبيبة التخدير الشابة أخافها مجرد النظر إلى ابني الصغير غريب الشكل؛ أفزعها ولم تدر إلى أي درجة هو غير طبيعي.
انتظرنا ثلاث ساعات مرة أخرى، وحجرة الانتظار كانت أكثر ازدحاما هذه المرة، وأكثر لفتا للنظر: تقرأ بنت كفيفة تبلغ من العمر خمس سنوات بصوت عال من نسخة مكتوبة بطريقة برايل من الإنجيل، من سفر الأمثال. وفي النهاية، أدخلتنا ممرضة أنا وووكر إلى حجرة أخرى، ثم إلى حجرة أخرى، ثم إلى حجرة أخرى، وفي النهاية خدروه وأجروا له أشعة الرنين المغناطيسي.
Unknown page