Ruyat Allah
رؤية الله تعالى بين العقل و النقل
Genres
وبأن الجواب لم يكن بصيغة تفيد أن الله لا يرى، لان الرؤية المنفية في صيغة أسندت إلى موسى (ع) فهي لا تفيد عموم النفي بخلاف ما لو كان الجواب: لا أرى. وقد عول كثير من مثبتي الرؤية على إنكار تأبيد النفي ب(لن).
عن ابن الخطيب الزملكاني: أنه فرق بين (( لن )) و(( لا )) النافيتين فقال بانقطاع النفي بأولاهما ودوام النفي بأخراهما أخذا من أداء الحرفين في النطق لأن (( لن )) منقطعة في النطق، و(( لا )) ممدودة ومثل لذلك بقوله تعالى في النفي بلن: {لن تراني}، وبقوله سبحانه في النفي بلا: {لا تدركه الأبصار} بناءا على تفرقتهم بين الرؤية والإدراك كما تقدم.
وأخذ من ذلك أن نفي الرؤية منقطع لأنه ينتهي بانتهاء الدنيا، بخلاف نفي الادراك. وأقوى ما عولوا عليه في نفي التأبيد للنفي بلن: قوله تعالى في اليهود: {ولن يتمنوه أبدا}(1)، مع قوله سبحانه في أهل النار عموما: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك}(2).
والجواب: إن كون هذا النفي مقيدا بالحياة الدنيا دون الآخرة دعوى لم يقم عليها دليل، فإن صفات الله لا تتبدل، وكبريائه لا تتحول، وما سبق من الأدلة على أن رؤيته تعالى منافية لكبريائه كاف في دحض هذا الزعم. وأما دعوى أن صيغة الجواب في قوله تعالى: {لن تراني..} لا تفيد عموم النفي فهي مردودة بأن الجواب لم يكن إلا مطابقا للسؤال، ومما تدركه العقول أن نفى حصول الرؤية لموسى (ع) قاض بنفي حصولها لغيره ، لأنها لو كانت ممكنة لكان أحق بها لما اختصه الله تعالى به من مزايا وآتاه من مواهب من بينها اصطفاؤه بالرسالة والتكليم. فهو جواب واضح لا غبار عليه.
Page 117