إذا كان العلم يستطيع أن يغير الواقع، فالفلسفة تستطيع ذلك بنفس المقدار؛ لأنها هي والعلم امتداد واحد، وكل ما في الأمر أنها أكثر من العلم تعميقا وتجريدا، فمعرفة الإنسان قوامها ثلاث درجات تتصاعد في التعميم والتجريد، وهي الخبرات المباشرة بالواقع، كأن يعلم الإنسان العادي بخبرته أن الماء يغلي بحرارة النار، ثم يأتي العلم فيستخرج بتجاربه «قوانين» غليان الماء، وأخيرا يجيء الفكر الفلسفي باحثا عن مبدأ عام يضم في وحدة واحدة علم الحرارة مع غيره من العلوم.
سؤال (3):
نقرأ عن أن الفلسفة هي «محبة الحكمة» ... فما معنى ذلك؟
الجواب:
اسأل أولا عن معنى كلمة «حكمة» تجد جواب سؤالك، فالحكمة كلمة قريبة الصلة «بالحكم»، والإنسان يكون أقدر على حكم نفسه، كلما ازداد علما، ثم استخلص من ذلك العلم مبادئه الأولى التي من شأنها ضبط السلوك، والسير به على هدى، وفي القرآن الكريم إشارة تكررت عدة مرات - إلى الربط بين «الكتاب» و«الحكمة»، وهو ربط يتضمن العلاقة بين «العلم» و«العمل» بناء على ذلك العلم.
سؤال (4):
ما مدى قدرة العقل العربي على التفلسف؟
الجواب:
أولا يجدر الإشارة بأن القدرة على التفلسف هي نفسها القدرة على التحليل، إلا أن تحليل الفكر له نوعان: أولهما التحليل المنطقي الذي يسير مع الجملة سيرا أفقيا، ليرى العلاقات التي تربط أجزاءها بعضها ببعض، كأن ننظر إلى جملة تقول إن الشمس طالعة، فندرك أن فيها موضوعا دار حوله الحديث هو لشمس، وصفة نسبت إلى ذلك الموضوع، ثم هنالك كلمة «إن» للتوكيد، أما النوع الثاني من التحليل فتجاهه رأسي، وهو يتناول الفكرة المعينة ليتعقبها إلى العناصر الأولية التي هي قوام تلك الفكرة، كأن نتناول مثلا مفهوم «الفن» فنحلل محتواه إلى العناصر التي تجعله فنا، والفلسفة تحليل بالمعنيين، وأعتقد أن قدرة العقل العربي أظهر في النوع الأول منها في النوع الثاني.
سؤال (5):
Unknown page